Uncategorized صعود ألعاب المحاكاة الرياضية Nuqta Doc منذ 4 سنوات بالتأكيد لم يخطر على عقل بيل وينكباش، عام 1962، عندما اقترح على أصدقائه، في فندق مانهاتن، بينما هم في رحلتهم لدعم فريقهم المفضل “أوكلاند رايدرز”، تنظيم لعبة محاكاة (فنتازي) كرة القدم الأمريكية، أن فكرته هذه ستتطور بمرور الزمن، إلى صناعة عملاقة تقدر بعشرات البلايين من الدولارات. بعدما وضع بيل مع أصدقائه قوانين لعبتهم، ونظموا أول دوري تخيلي لكرة القدم الأمريكية، ستنطلق كرة الثلج، وستنظم العديد من البطولات الافتراضية في ألعاب أخرى مثل البيسبول (بدأت أول منافسة محاكاة له عام 1980)، وتخصص مجلات ومقالات لمتابعة هذا النوع من الألعاب، هذا كله قبل أن ندخل عصر الإنترنت، ومعها تدخل ألعاب المحاكاة الرياضية عصرها الذهبي، وتنشئ العديد من المواقع الالكترونية المتخصصة، وستشترك شركة ياهو(yahoo) في الحدث، عام 1999، عندما ستصدر نسختها من اللعبة التي لا تزال مستمرة حتى الآن. ماهي ألعاب المحاكاة الرياضية fantasy sports؟ بخلاف الرياضة المختارة، تعتمد ألعاب المحاكاة الرياضية على أن يختار كل متسابق فريقه من مجموعة لاعبين من فرق مختلفة في بطولة رياضية معينة بناءً على ميزانية افتراضية، وبحسب الأداء الفعلي للاعبين في المباريات على أرض الواقع، يتم احتساب النقاط، النقاط تحسب بناء على عدد من المتغيرات حسب طبيعة كل لعبة. في كرة القدم مثلًا تسجيل الأهداف وصناعتها والخروج دون استقبال من أهم العوامل. وبالطبع من يحصل على أعلى عدد نقاط يفوز. تنقسم ألعاب المحاكاة، بالمعيار المالي، إلى قسمين: ألعاب المحاكاة المجانية، وربما أشهرها هي لعبة فانتازي الدوري الانجليزي الممتاز لكرة القدم، والتي يشارك فيها ما يقرب من 8 ملايين لاعب، وقسم آخر مدفوع، حيث على اللاعب أن يدفع مقابلًا لدخوله إلى المنافسة، وبحسب أدائه، يمكنه أن يضاعف أمواله أو يخسرها. لكن القواعد نفسها تظل متطابقة في الحالتين. اقتصاد عملاق صاعد يقول تقرير نشره موقع “Allied Market Research”، إن صناعة ألعاب المحاكاة الرياضية وصلت قيمتها إلى 18.6 مليار دولار في 2019، ويتوقع أن تصل إلى 48.6 مليار دولار بحلول عام 2027، أي بنسبة معدل نمو سنوي متوقع يصل إلى 14% في الأعوام من 2021 إلى 2027. وتتزايد معدلات الاشتراك في هذه الألعاب بسرعة، فقد ازداد عدد المشاركين في ألعاب المحاكاة في أمريكا وكندا من 32 مليون لاعب في 2010 إلى 59 مليون لاعب في 2017، نسبة 78% منهم يشاركون في ألعاب محاكاة خاصة بكرة القدم الأمريكية، بينما يتوزع البقية على ألعاب أخرى مثل البيسبول وكرة السلة والهوكي والغولف. ليست الدول الغربية وحدها مقر هذه الصناعة، فالهند تعد من أكبر أسواق ألعاب المحاكاة، حيث قفزت إيرادات صناعة ألعاب الفانتازي إلى ما يقرب من 320 مليون دولار في عام 2020 مقارنة بـ125 مليون دولار في 2019، ون المتوقع أن تصل الصناعة فيها بحلول عام 2024، إلى 3.7 مليارات دولار، ما يتوازى مع التسارع الكبير في نمو عدد اللاعبين، بمعدل يقدَّر بـ212%، حيث وصل إلى 90 مليون لاعب بحلول ديسمبر 2019. 80% منهم يشاركون في اللعب عبر المنصات المجانية، بينما 20% يشاركون باللعب عبر المنصات المدفوعة. بطولات اليوم الواحد “ألعاب المحاكاة اليومية” (Daily fantasy sports) حتى أواخر الألفينيات كانت النسخة الأكثر رواجًا للفانتازي هي المنافسة خلال الموسم كله، إذ يستطيع اللاعب، بحسب قواعد مسبقة، أن يبدل لاعبيه بآخرين على مدار الموسم، لكن النتائج تظل معلقة حتى نهاية البطولة. هذا قبل أن تدخل شركة “فان دويل” FanDuel الأمريكية الساحة، لتحول اللعبة إلى منافسة يومية، حيث يمكنك أن تدخل رهانك بفريقك ليوم واحد، بدلًا من موسم كامل، ما ستتبعه بعدها شركة درافت كينكز. وتعد شركتا فان دويل FanDuel، المؤسسة عام 2009، والتي يعمل أكثر من ألف موظف، وشركة درافت كينغز، المؤسسة عام 2012، والتي لديها عدد موظفين يصل إلى 900 موظف، أكبر شركتين في مجال ألعاب المحاكاة بالولايات المتحدة وكندا. تعتمد الشركتان في الأساس على “ألعاب المحاكاة اليومية”، حيث يمكنك تشكيل فريقك والدخول به في منافسة في أي يوم، ثم الدخول في منافسة في أسبوع قادم بفريق جديد مختلف تمامًا، دون حاجة إلى الارتباط باللعبة طول الموسم. في 2018، وصلت أرباح “DraftKings” إلى 14 مليون دولار، بينما ربحت منافستها “FanDuel” 10 ملايين دولار. تعتمد الشركتان في جزء من دخلهما على اقتطاع نسبة من رسم المشاركة في اللعبة، فـ”درافت كينغ” مثلًا تحصل من كل دولار يشارك به اللاعب على عشرة سنتات، بينما يذهب الباقي إلى عملية المنافسة نفسها، حيث يحصل الفائز على نصيبه من أموال الآخرين. وتحصل هذه الشركات على الأموال أيضًا، من بيع الإعلانات على مواقعها، وعن طريق شراكاتهم التجارية مع أسماء كبيرة في عالمي الرياضة والميديا في الولايات المتحدة مثل NBC, Sports Illustrated, Comcast, Sporting NewsK ,ESPN, Turner Sports، وغيرهم. لعبة مهارة أم حظ؟ الصعود المتسارع لشركات العاب المحاكاة الرياضية، خصوصًا تلك التي تعتمد على دفع اللاعبين مقابلًا لدخولهم المنافسة، تصاعد معه جدال واسع حول قانونية هذه الألعاب، وحول ماهيتها: هل هي لعبة حظ أم مهارة؟ وبالتالي هل يمكن نعتها بأنها نوع من المقامرة أم لا؟ استثنى القانون الأمريكي للقمار غير القانوني عبر الإنترنت الصادر عام 2006، ألعاب المحاكاة من التحريم القانوني، باعتبارها ألعابًا تعتمد على المهارة وليس الحظ. يحاجج المدافعون عن كون ألعاب المحاكاة ألعاب المهارة، بأنه بينما تعتمد ألعاب المراهنات على الحظ الصافي، أي الرهان على نتيجة لا يمكن توقعها، فإن ألعاب المحاكاة تعتمد على دراسة مستمرة للمعلومات المتوفرة بخصوص جاهزية اللاعبين وإحصائياتهم ومهاراتهم، بل حتى أحيانًا الظروف الجوية للمباريات، دون أي علاقة بفوز هذا الفريق أو ذلك، ومن دون هذه الدراسة المستمرة، يصبح الفوز في اللعبة شديد الصعوبة. في المقابل، يقول المنتقدون للعبة إنها نشاط إدماني، وببساطة؛ ما دمت تدفع مقابل دخولك اللعبة، ثم تخسر أموالك أو تضاعفها، فهذه هي المقامرة، إضافةً إلى أنه رغم أي دراسة لإحصاءات اللاعبين، يظل الرهان عليهم مختلطًا بعوامل لا يمكن حسابها، فسؤال مثل هل سيسجل هذا اللاعب بالتحديد في المباراة أم لأ، يظل سؤالًا قدريًّا لا يمكن، الإجابة عنه بشكل قاطع مهما تكن حجم دراسة البيانات المتوفرة. وهناك منتقدون لهذه الألعاب من منظور آخر، ففي دراسة منشورة عام 2015، يقول الكاتب “إد ميلرر”، وهو لاعب وكاتب في مجال البوكر، إن خطر اللعبة ليست أنها لعبة حظ، بل على العكس، أنها لعبة معتمدة على مستوى عالٍ جدًّا من المهارة، وتحتاج إلى مجهود كبير لكي يمكن للاعبين أن يحققوا أي فوز مادي حقيقي. وعلى عكس لعبة البوكر التي يمكن أن يفوز فيها هاوٍ على مجموعة من المحترفين، مثلما حدث عام 2015 حين فاز مدرب كرة سابق يبلغ من العمر 51 ، في فلوريدا، على سبعة من المحترفين، وحصل على 560 ألف دولار. فإن 91% من أرباح المحاكاة اليومية في دوري البيسبول في النصف الأول من نفس العام، حصل عليها ما نسبته 1.3% فقط من كبار اللاعبين (يسميهم الكاتب بالحيتان، حيث يدخلون اللعبة بمئات آلاف الدولار)، هذه المكاسب تعتمد على خسارة اللاعبين المتوسطين (الأسماك الكبيرة، حيث يدخلون اللعبة بأموال متوسطة الحجم)، فـ5% فقط من اللاعبين، خسروا بمعدل 1100 دولار من كل 3600 شخص راهنوا بها، بينما خسر 80% من صغار اللاعبين (الأسماك الصغيرة) ما يقرب من نصف مدخلاتهم في اللعبة، بمعدل خسارة 25 دولارًا لكل 49 دولارًا. بينما ظلت هناك منزاعات حول قانونية ألعاب المحاكاة اليومية، حيث دافعت الشركات دومًا عن أن ألعابهم ألعاب مهارة وليس حظًّا، وتختلف القوانين في الولايات المتحدة من حيث المنع والسماح من ولاية إلى أخرى، وستة ولايات تمعنها بشكل كامل، إلا أن المفارقات ستظل مستمرة. ففي عام 2018، ستأتي هدية غير متوقعة لعملاق ألعاب المحاكاة درافت كينغز، حين ستحكم المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء القانون الذي يمنع الشركات من المراهنة الرياضية، وستدخل شركة درافت كينغز هذا المجال، ليصبح عملها منفسمًا لثلاثة مجالات: ألعاب المحاكاة، الرهانات الرياضة، ألعاب المقامرة الإلكترونية، وليتوج هذا الصعود المتسارع بطرح الشركة أسهمها في البورصة في إبريل 2020، ويصل الآن تقدير رأسمالها السوقي الحالي إلى 23 مليار دولار، وسعر السهم الواحد إلى أكثر من 50 دولارًا. الدول العربية بينما من المستبعد أن يكون هناك سوق عربية واسعة لألعاب المحاكاة الرياضية المدفوعة، بسبب التحريم القانوني، ذي الأساس الديني، للمراهنات بشكل عام، فهناك محاولات أولية للحاق بركب ألعاب المحاكاة المجانية تأثرًا باشتراك مئات الآلاف من العرب في لعبة فانتازي الدوري الانجليزي، حيث يقدر عدد اللاعبين المسجلين من مصر في اللعبة بأكثر من 650 ألف لاعب، بينما يتجاوز عدد اللاعبين في كل من السعودية والجزائر حاجز 100 ألف لاعب في كل بلد، في حين يقدر عدد اللاعبين في العراق بأكثر 60 ألف لاعب*، وتوجد العديد من قنوات اليوتيوب العربية المتخصصة في متابعة اللعبة، هذا كله كان دافعًا لتطوير ألعاب محاكاة لبعض دوريات كرة القدم العريبة، منها، مثلًا محاولة موقع “في الجول” لصناعة فانتازي للدوري المصري، وفانتازي دوري بلس للدوري السعودي، إلا أن هذه المحاولات ما زالت في بدايتها، ما يجعل الحكم عليها الآن صعبًا، وإن كان يمكن توقع أن الصعود المستمر لألعاب المحاكاة في العالم، سيضخ مزيدًا من الاستثمارات في محاولات شبيهة. __ *هذه التقديرات مبنية على إجمالي عدد اللاعبين في الدوري العام الخاص بكل بلد في لعبة فنتازي الدوري الإنجليزي. شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.