أنت تقرأ الآن:

التلسكوبات.. تاريخ مراقبة السماء والنظر إلى الماضي لرؤية المستقبل

التلسكوبات.. تاريخ مراقبة السماء والنظر إلى الماضي لرؤية المستقبل

لم يوجد في تاريخ الإنسان بأكمله على هذا الكوكب ما أثار فضوله أكثر من السماء.

ربما بدأ تساؤل البشر، منذ الليلة الأولى لهم على هذا الكوكب، عن طبيعة تلك النقاط المضيئة والأشكال المتغيرة في السماء فوقهم، وربما كان أكثر شيء مشترك بين كل الحضارات القديمة هو مراقبة السماء وتسجيل حركة أجسامها، وهو الشيء الذي عاد على القدامى بفائدة عظمى في تسجيل الزمن، وفهم الطبيعة، وتعلم الحساب، ومعرفة الاتجاهات.

بدأت مراقبة البشر للسماء بالجلوس في الخلاء وتسجيل ما تراه العين. والآن، بعد مرور آلاف السنين، لا تزال مراقبة البشر للسماء تحدث من الخلاء، لكنه خلاء من نوع آخر، خلاء الفضاء، حيث باتت “التلسكوبات” في الفضاء الخارجي حول كوكب الأرض تراقب وترسل صورًا وبيانات عن السماء لم يكن البشر يتخيلوا في أي وقت في تاريخهم الطويل أنهم بالِغوها، ولو بشقّ الأنفس. آخر تلك “التلسكوبات”، وأكثرها تطورًا، هو ذلك الذي تابعنا جميعًا صوره التي أذهلت العالم مؤخرًا: تلسكوب “جيمس ويب الفضائي” (JWS).

كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ كيف انتقل البشر من المراقبة بالعين المجردة إلى مرحلة “تلسكوبات” الفضاء؟ وما الذي يجعل التلسكوب الجديد أهم وأفضل من كل ما سبقه؟

البداية:

“التلسكوب”، أو المقراب أو المنظار كما تقترح الترجمات العربية، ظهر أول مرة عام 1608، عندما تقدّم صانع النظارات الألماني-الهولندي “هانز ليبرشي” (Hans Lippershey) للحصول على براءة اختراع لاختراعه الجديد “التلسكوب” الذي وصفه بأنه يقرّب رؤية الأشياء البعيدة. وإن كان من غير المعلوم أن اختراعه حقًّا يعود لمخترع آخر أم لا، إذ تعاقبت طلبات “براءة الاختراع” في أنحاء أوروبا لنفس الاختراع، ولم تُمنح لأحد.

كان الغرض من “التلسكوب” تقريب رؤية الأشياء البعيدة عن الأرض، وكان يسمى وقتها “نظارة الجواسيس” (Spy Glass)، لكن أول من قرر استخدام الاختراع الجديد للنظر إلى السماء، كان فلكيًّا إيطاليًّا مثيرًا للجدل، مهووسًا بالرياضيات والهندسة والفلك، ويؤيد نظرية “كوبرنيكوس” الهرطوقية، والذي قال قبل مئة عام إن الأرض تدور حول الشمس لا العكس كما يعرف الجميع، إنه: “غاليليو غاليلي”.

استخدم “غاليليو” “التلسكوب”، حسب وصف “ليبرشي”، بدايةً من 1609 للنظر إلى السماء، وتسجيل حركة الأجسام السماوية، ثم أخذ يطور في التصميم الأوَّلي لـ”التلسكوب” الذي كان يُقرب البعيد بمقدار 3x، حتى استطاع بالتدريج أن يصمم تلسكوبًا يصل طوله إلى متر كامل يتكون من عدة عدسات متتالية، وقدرته على التقريب تصل إلى 23x.

حقق “تلسكوب غاليليو” نجاحًا تجاريًّا، إذ أحب الناس شراءه لاستخدامه في الملاحة والحروب والتجسس، لكن النجاح الأهم كان تمكّن “غاليليو” نفسه من رؤية السماء كما لم يرها أحد من قبل.

رؤية “غاليليو” السماء أكدت وطورت من النظام الذي قدَّمه “كوبرنيكوس” من قبل، والذي يقترح مركزية الشمس ودوران الأرض والكواكب حولها، وتمكَّن من إدراك أن القمر والكواكب ليست أجسامًا كاملة الاستدارة والاستواء كما حسبها القدماء، وإنما متعرجة ومليئة بالحفر والجبال والتضاريس مثل كوكبنا. وباستخدامه تم اكتشاف أشياء كثيرة، مثل “حلقات” زحل، و”أقمار” المشتري وأطوار الزهرة، وكلها أشياء كان من المستحيل معرفتها بالعين المجردة.

كل مكان نظر فيه “غاليليو” في السماء كان كشفًا جديدًا بالأداة السحرية الجديدة التي كان هو بالمناسبة أول من أطلق عليها لفظ “تلسكوب” (Telescope) التي نستخدمها حتى الآن.

الكاسر والعاكس:

“التلسكوب” الأول هذا كان “تليسكوبًا كاسرًا” (Reflector Telescope)، أي يستخدم العدسات لاستقبال الضوء وتجميعه في مخروط مركزه نقطة واحدة، تلك النقطة هي كل الضوء الذي جمعته العدسات التي تكوّن “التلسكوب” مكثفًا في مساحة محدودة هي ما تراه العين.

الصورة تكون نتيجة للانكسار الذي تُحدثه العدسة، مقلوبة رأسًا على عقب ومعكوسة.

لكن “التلسكوب الكاسر” يعاني من مشكلات متعددة، مثل ظاهرة “الزيغ اللوني” (Chromatic aberration)، أي انحراف أو تشتت الضوء. تنتج هذه الظاهرة قوس قزح من الألوان حول الصورة، وتقل جودة الصورة كلما زاد سُمك العدسة، ويصعب دعم العدسات إلا في نهايتها، هكذا تنحني العدسات بتأثير وزنها، إضافةً إلى مشكلات تقنية عدة تحد من إمكانية استخدامه.

ورغم محاولات الفلكي والرياضي والفيلسوف الألماني “يوهانس كيبلر” (1571 – 1630) على تحسين وتطوير تصميم “التلسكوبات الكاسرة”، ظلت هناك حاجة إلى تصميم أفضل.

ولم يحدث هذا إلا بدايةً من 1668، عندما بنى السير “إسحاق نيوتن” أول “تلسكوب عاكس”، باستخدام مرآة لتجميع الضوء بدلًا من العدسات، ما اتضح أنه شيء أكثر دقة وعملية من العدسات الزجاجية إلى حد كبير.

استخدم “نيوتن” مرآة من النحاس والقصدير في شكل دائري لتجميع الضوء وتركيزه، ثم إرساله إلى مرآة أخرى أصغر تنقل الصورة الناتجة إلى عين المراقب.

“التلسكوبات العاكسة” حلّت أغلب مشكلات “التلسكوبات الكاسرة”، وظلت هي النظرية المهيمنة على صناعة “التلسكوبات”، وحتى الآن لا تزال “التلسكوبات” الحديثة تتبع نظرية “التلسكوب العاكس” لـ”نيوتن” في قلبها.

“تلسكوبات عملاقة”:

أول محاولة لبناء “تلسكوب عملاق” كانت “التلسكوب الهوائي” (Aerial Telescopes)، عندما حاول “كريستيان هوغنس” عام 1675 بناء “تلسكوب كاسر” طويل بسلسلة من العدسات المتعاقبة، لكنها باءت بفشل ذريع بسبب عيوب “التلسكوبات الكاسرة” التي تحدثنا عنها. لكن ظلت الحاجة موجودة إلى بناء “تلسكوب” ضخم لأنه بات من الواضح أنه كلما كانت أداة تجميع الضوء أكبر كبرت الصورة الناتجة وازدادت وضوحًا ودقة.

مبدأ “التلسكوب العاكس” سمح بذلك، إذ يمكن بناء مرآة ضخمة بثبات ودقة أفضل بكثير من العدسات الشفافة المتعاقبة.

وأول من فعل ذلك كان “ويليام هيرشل” (William Herschel)، الموسيقي الألماني الذي وقع في غرام موسيقى الكون أكثر من موسيقى الأصوات، وتحولت هوايته في مراقبة الفضاء إلى هوس وتخصص، وذلك عندما بنى عام 1774 “تلسكوبًا ضخمًا” بمرآة قُطرها 1.26 متر ذات طول بؤري 12 مترًا، في بيته بإنجلترا.

بهذا “التلسكوب” العملاق الجديد اكتشف كوكب أورانوس، وعددًا من الأجسام والمجرات السماوية التي لم يرها إنسان قبله قط.

لكن “التلسكوبات العملاقة” لم تنتشر في العالم إلا في القرن التاسع عشر، مع التطور العام في التكنولوجيا، والذي شمل كل مناحي الحياة تقريبًا.

مع الوقت صارت المراصد العملاقة مزودة بكاميرات بصحبة “التلسكوبات”، لتلتقط الصور الفوتوغرافية بـ”التلسكوبات”، ما يسمح بالتقاط حتى الضوء الشاحب الذي لا تراه العين، ومراكمته على فيلم، فيظهر في الصورة النهائية، ما يمكّننا من رؤية أجسام فضائية كان من المستحيل رؤيتها بمجرد النظر مباشرة في “تليسكوب” مهما كانت قوته ودقته. أول من فعلها كان الفلكي الأمريكي “هنري درابر” (Henry Draper) عام 1872، واستطاع بتطوير تلك التقنية تصوير “سديم أوريون” (Orion Nebula) للمرة الأولى عام 1880.

الآن يوجد في العالم عدد من المراصد الضخمة التابعة للدول والجامعات والمنظمات الفلكية والعلمية، مثل “المرصد الأوروبي الجنوبي” (ESO) الواقع في صحراء “تشيلي”، ومرصد “دابليو. إم. كيك” (W. M. Keck) الواقع في “هاواي”، و”تلسكوب جنوب إفريقيا” (SALT)، و”تلسكوب الصين الراديوي” (FAST) الواقع في مقاطعة “قويتشو” الصينية، وغيرها الكثير من المراصد الكبرى في شتى أنحاء الأرض.

مراقبة السماء من السماء:

إذا كان هناك مرصد في مدينتك، أو أنت تعرف بنشاطات جمعيات هواة الفلك القريبة منك، فلعلك لاحظت أن كل نشاطات مراقبة الفضاء تحدث في المناطق النائية البعيدة كل البُعد عن المدينة ومعيشة البشر. هل سألت نفسك عن سر هذا؟

الحقيقة أن مع انتشار الإضاءة الكهربائية التي تحيل ليالينا إلى ما يشبه النهار، بات من المستحيل تقريبًا رؤية السماء الصافية ليلًا في المدن، إذ تسبب الضوضاء البصرية ما يشبه غيمة من الضوء الباهت تحجب عنا رؤية السماء.

ولعلك أيضًا لاحظت في أي رحلة أو سفر بعيد عن المدينة، أن نجوم السماء تصبح أوضح وأصفى كلما ابتعدت عن مصادر الضوء الصناعي، لهذا يلجأ مراقبو السماء والمراصد إلى الصحاري والجبال والمناطق النائية لمراقبة السماء.

غير أن هذا لم يعد كافيًا.

هل كنت من قبل في حفل شواء ولاحظت أن فوق الشواية ثمّة اضطرابًا غير مفهوم في الرؤية، وكأن العالم يتراقص في تلك النقطة بالذات؟ يحدث هذا لأن اختلاف درجة الحرارة الكبير بين تلك النقطة وما عداها يؤثر في مرور موجات الضوء التي تصل إلى عينيك، فتصل بأطوال موجية متفاوتة وسرعات متفاوتة تجعل الرؤية غريبة.

يحدث هذا عند النظر عبر “تلسكوب” من الأرض إلى السماء، فالأرض يحيط بها غلاف جوي مذهل يحميها من الأشعة الضارة التي تجول في الفضاء ويحافظ على حرارتها وهوائها وطبيعتها المتفردة، لكن هذا الغلاف الجوي يجعل الصورة السماوية تصل مشتتة إلى حد كبير، إضافةً إلى أن درجات حرارة الجيوب المختلفة في الغلاف الجوي متفاوتة، فتؤثر في مرور الصورة القادمة من السماء إلى عيون المراقبين أو “التلسكوبات الأرضية”.

إلى ذلك، بات من الواضح أننا صرنا بحاجة إلى نظرة تتجاوز الغلاف الجوي إلى الفضاء. من هنا جاءت فكرة وضع “التلسكوبات” في الفضاء.

في النهاية نحن في زمن الاتصالات اللاسلكية والحصول على الطاقة من الشمس وسفن الفضاء والأقمار الصناعية. من المنطقي إذن بناء “تلسكوبات” ووضعها مع الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، فتلتقط الصور وترسلها إلى الأرض، فيفحصها العلماء ويحللون ويكتشفون من بيوتهم تحت التكييف، دون الحاجة إلى رحلات تخييم صحراوية وتسلق جبال. حتى الفلكيون بحاجة إلى العمل من البيت أحيانًا.

من “هابل” إلى “ويب”:

أول “تلسكوب” فضائي على الإطلاق كان تلسكوب “هابل” (Hubble Space Telescope). بدأ تمويل بنائه في سبعينيات القرن العشرين، لتبنيه وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” بمساعدة “وكالة الفضاء الأوروبية”، وانطلق أخيرًا بعد تأجيلات متعددة عام 1990، وتطلَّب صيانةً وتصحيحًا، فأُرسلت مهمات فضائية، وصلّحه وعدّله رواد الفضاء، وهو في مداره حول الأرض.

بدأ “هابل” يعمل في 20 مايو 1990، ولا يزال يعمل حتى الآن، ومن المتوقع استمراره في عمله حتى ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين.

يمكن اعتبار “تلسكوب هابل” أكثر جهاز بحث علمي ناجح على الإطلاق. فقد نتج عنه 16000 ورقة علمية على مدار عقود تشغيله الثلاثة (حتى الآن)، بواسطة 4000 عالم بحثي من مختلف الجنسيات.

“تلسكوب هابل” يرى كل الضوء الذي يقع في نطاق الأطوال الموجية التي تراها العين المجردة (وهي الأمواج الكهرومغناطيسية التي تقع في النطاق اللوني البصري بين الأحمر والبنفسجي، ألوان قوس القزح التي يتكون منها كل ما يمكن رؤيته) دون المعوقات التي يضعها الغلاف الجوي الأرضي، لكنه صُمم أيضًا ليرى مساحة من الضوء فوق البنفسجي الذي لا تراه العين المجردة، ما مكَّننا من رؤية مساحات من الكون لا تستطيع عيوننا العادية رؤيتها.

الفكرة أن الأجسام المادية تعكس موجات ضوئية مختلفة، بحسب طاقتها ودرجة حرارتها وطبيعة تكوينها، فمثلًا الأشعة السينية (التي يستخدمها الأطباء) تستطيع اختراق الجلد ورؤية ما تحتها من العظام، وموجات الراديو تستطيع اختراق الجدران، فتصل إلى الهواتف وأجهزة اللاسلكي في حين لا يستطيع الضوء فعل ذلك… إلخ.

كذلك في الكون الخارجي كل نطاق من الموجات الضوئية يجلب صورة مختلفة عن غيره، لتمكِّنه من تجاوز بعض الأجسام التي لا يستطيع غيره تجاوزها. لذا نحن بحاجة إلى مراصد مختلفة تستطيع رؤية نطاقات الضوء المختلفة، لتمكِّننا من رؤية وفهم واستيعاب أوسع للكون المحيط بنا.

هكذا كان بوسع “تلسكوب هابل” رؤية الأشعة فوق البنفسجية، و”تلسكوب سبيتزر” (Spitzer Space Telescope) الذي أطلقته “ناسا” في 2003 للتصوير في نطاق الأشعة تحت الحمراء، و”تلسكوب تشاندرا” (Chandra X-ray Observatory) عام 1999 للأشعة السينية.

النظر إلى الماضي:

ثمة أهمية خاصة للأشعة تحت الحمراء، تأتي من أن الموجات تفقد طاقتها عندما ترتحل في الفضاء لمسافة بعيدة، أي إن الأجسام البعيدة جدًا، لا نراها لأن ضوءها فقد في المسافة غالبية طاقته حتى وقع في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وبالتالي، فإن التليسكوب القادر على الرؤية بالأشعة تحت الحمراء يستطيع رؤية أبعد من كل ما عداه.

إضافةً إلى شيء في غاية الأهمية: في حياتنا العادية اعتدنا اعتبار ما نراه يحدث، فهو يحدث في نفس وقت رؤيته، لكن في الواقع هناك وقت يستغرقه الضوء في الوصول من مصدره إلى عين المراقب، ونظرًا للمسافات المحدودة في الحياة اليومية وسرعة الضوء المذهلة (أسرع شيء في الوجود)، يبدو بالنسبة لنا ما نراه يحدث لحظيًّا.

لكن في الفضاء، حيث المسافات بين الأجسام كبيرة جدًّا بالنسبة لنا نحن البشر، يستغرق الضوء وقتًا يمكن حسابه للوصول من المصدر إلى المُراقِب. الشمس مثلًا يستغرق نورها حوالي 8 دقائق كي يصل إلى الأرض، ما يعني أن الشمس التي تراها عندما تنظر إلى النافذة، هي صورة الشمس قبل ثمانية دقائق.

في حالة الأجسام السماوية البعيدة جدًّا، والتي لا يصل إلينا من صورتها سوى القليل من الأشعة تحت الحمراء، يكون الضوء قد سافر ملايين السنين كي يصل إلينا، ما يعني أن ما يراه “التلسكوب” الذي يستخدم الأشعة تحت الحمراء، هو صورة قديمة جدًّا للكون، وربما يكون مختلفًا تمامًا عن واقع هذه الأجسام والأماكن الآن.

أي إنه ينظر إلى الماضي.

هكذا يحاول العلماء استراق النظر إلى لحظات بداية الكون، هكذا يمكن استكشاف بدايات تكون المجرات والنجوم، وهي معرفة لا تقدّر بثمن.

لهذا وجب تطوير “تلسكوب” أهم وأقوى وأكبر من كل ما سبقه، يعنى على وجه الخصوص بالنظر في الأشعة تحت الحمراء، وهذا التلسكوب هو تلسكوب “جيمس ويب الفضائي” (JWS)، والذي غنّى العالم فرحًا بنشر أول الصور التي التقطها للعامة يوم 11 يوليو 2022.

انطلق أخيرًا تلسكوب “جيمس ويب” بعد تأجيلات وتغييرات في الخطة لا حصر لها تقريبًا، يوم 25 ديسمبر 2021، ووضع في مدار كوكب الأرض على بعد حوالي 1.6 مليون كيلومتر عن الأرض (هابل يبعد فقط حوالي 563 ألف كيلومتر)، هذه المسافة كي يكون معزولًا عن الحرارة التي تنبعث من الأرض، والتي قد تشوش على قراءاته، إضافةً إلى عوازل أخرى مركبة خلف مرآته لحمايته من تأثير حرارة وضوء الشمس والأرض والقمر.

هكذا بدأ تلسكوب “جيمس ويب” في رفع الستار عن مساحة من الكون والعلم كانت محجوبة كليةً عن قدرات البشر، عرفنا هذا بالفعل من الصور الأولية التي عرضها. والآن، الخطوة التالية، هي أن يستفيد العالم من المعلومات والبيانات غير المسبوقة، والتي تتوالى من هذا “التلسكوب” الجديد البديع.

ولا يسعنا إلا أن نفكر معًا: هل كان “غاليليو” و”نيوتين”، وهما يضعان أساسي تلسكوبيهما (الكاسر والعاكس)، يتخيلان أن تلك الأداة البسيطة ستمكّن البشر من النظر عبر الزمن في يوم من الأيام؟

شارك هذا المقال

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *

أدخل كلمات البحث الرئيسية واضغط على Enter