علوم تلسكوب إقليدس.. كيف يطمح العلماء إلى حل لغز المادة المظلمة؟ Nuqta Doc منذ سنة واحدة في الأول من يوليو 2023، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) تلسكوب إقليدس، على متن صاروخ “Falcon 9” من شركة “SpaceX”، خرج من محطة للفضاء في فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. التلسكوب الذي يحمل اسم “إقليدس”، العالم السكندري الذي أسس الهندسة في القرن الرابع قبل الميلاد، يهدف إلى مساعدة العلماء على حل لغز حير الفيزيائيين طويلًا، هو لغز المادة المظلمة. لكن ما هي هذه المادة المظلمة التي يبدو اسمها شيئًا قادمًا من أفلام الرعب؟ المادة المظلمة هي مادة تشغل %26.8 من الكون، لكن العلماء لم يروها قط، وإنما افترضوا وجودها لأنها تفسّر مجموعة من الظواهر التي لا تقبل التفسير بأي صورة أخرى. من هذه الظواهر مثلًا أن بعض المجرات موجودة حيث لا يجب أن توجد، وبعضها يتحرك بصورة غير متوقّعة، إضافة إلى الشذوذات في “الخلفية الميكروويفية الكونية”، وهو إشعاع يملأ الكون كله ويحمل بيانات عن الصورة المبكرة جدًا للكون. افترض العلماء بسبب هذه الشذوذات أن هناك نوعًا من المادة غير التي نعرفها، تشغل حيّزًا كبيرًا من الكون، ولكننا لا نستطيع رؤيتها ولا تستطيع أجهزتنا أن تتقفى آثارها، والسبب في هذا أن هذه المادة غالبًا ذات طبيعة مغايرة، فلا تؤثر بنفس الطريقة في الموجات الكهرومغناطيسية، أو تتفاعل مع المجالات الكهرومغناطيسية، ما يجعلها معتمة تمامًا، أي أنها لا تشع ضوءًا أو تعكس ضوءًا، ومن ثم لا يمكن إيجادها. اقترح عالم الفيزياء السويسري الأمريكي “فريتس زفيكي” فكرة المادة المظلمة للمرة الأولى عام 1933، بعد أن اكتشف أن كتلة كل النجوم في تجمّع للمجرات يُعرف باسم “كوما” لم تكن إلا %1 فقط من الكتلة الضرورية لكي لا تهرب المجرات بعيدًا عن مركز هذا التجمع. افترض “زفيكي” أن هناك كتلة إضافية لا نستطيع رؤيتها هي المسؤولة عن تعويض الفارق، وأصبحت هذه الكتلة معروفة باسم المادة المظلمة. يفترض علماء الفيزياء أن المادة التي نعرفها لا تشغل من الكون إلا %5 فقط، أما بقية الكون فمقسّم بين المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وهي طاقة أخرى مفترضة لتفسير التوسع المستمر للكون، والطريقة التي تندفع بها المجرات بعيدًا عن بعضها. تشغل الطاقة المظلمة، وفق افتراضات العلماء، %68.2 من كتلة الكون. وبالطبع، تعرّضت كلا الفكرتين، أي المادة المظلمة والطاقة المظلمة، لكثير من الانتقادات التي رأت فيها افتراضات خيالية وغير علمية، ولا يوجد دليل فعلي عليها. لكن التلسكوب الجديد الذي عمل على تطويره أكثر من 3500 عالم، من 13 دولة أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا واليابان وغيرهم، مع إسهامات من وكالة ناسا، يهدف بالضبط إلى حل هذا اللغز أخيرًا. سيلتقط تلسكوب إقليدس صورة شاملة بصورة غير مسبوقة للكون عبر الفضاء والزمان، ستظهر فيها مليارات المجرات، وتغطي عشرات المليارات من السنين الضوئية، ونحو ثلث السماء إجمالًا، وعبر هذه الصورة يطمح العلماء إلى أن تُحَل بعض الأسئلة المتعلقة بتوسع الكون وتطوره في الزمان والدور الذي لعبته الجاذبية مع المادة المظلمة والطاقة المظلمة. استغرق العمل على التلسكوب أكثر من عشر سنوات، وتكلّف نحو 1.4 مليار يورو، وكان مخططًا له أن ينطلق في البداية من محطة روسية، لكن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى تغيير في الخطط، فانطلق التيسكوب من الولايات المتحدة. وسيستمر تلسكوب إقليدس في الدوران من أجل بناء هذه الخريطة الكونية مدة 6 سنوات، وهذه المدة قصيرة نسبيًا بالنسبة إلى عمر التلسكوبات الأقدم، مثل “هابل” أو “جيمس ويب”، لكنها قد تمتد في حال الضرورة، ويرى العلماء مبدئيًّا أنا كافية لإنجاز المهمة. فهل يتمكن تلسكوب إقليدس فعلًا من حل لغز المادة المظلمة؟ أم أنها تظل افتراضًا واسع الخيال من العلماء وتستمر دون برهان أو دليل حقيقي؟ شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.