سياسة الأونروا..كيف استمرت منظمة مؤقتة أكثر من سبعين عامًا؟ Nuqta Doc منذ سنة واحدة في يوم 9 نوفمبر 2023، أعلنت منظمة “غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” الأونروا، مقتل 99 من موظفيها منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر. كما أوضحت أن 70 من مقارها في غزة تستضيف حاليًا نحو 700 ألف شخص، بالإضافة إلى تضرر 51 منشأة تابعة لهم في القطاع. وحاليًا تستوعب الملاجئ الخاصة بالمنظمة أعدادًا أكبر بصورة هائلة من طاقتها الأصلية، وحتى ذلك لا يكفي النازحين مما حدا بالكثيرين منهم للنوم في الشوارع. أما من حيث قدرات المنظمة الإغاثية، فقد أعلنت الأونروا منذ أواخر شهر أكتوبر وجود حاجة ماسة في القطاع للوقود، حيث تم استنفاد المخزونات المحلية بالكامل، وهو ما أدى إلى توقف الخدمات الأساسية، مثل توفير المياه والمخابز والمولدات الكهربية. الأونروا تعتبر منظمة الأونروا أقدم المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية، ويعود تاريخ إنشائها إلى 8 ديسمبر من عام 1949، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، وبدأ عمل المنظمة الفعلي بعدها بخمسة أشهر في مايو 1950. وكان يفترض حين تم إنشاء المنظمة أن تكون مؤقتة، ريثما يتم التوصل إلى حل مشكلة اللاجئين، ولكن ذلك لم يحدث، فاستمرت المنظمة منذ ذلك الحين في العمل، وتقوم الأمم المتحدة بتمديد صلاحياتها. تعتبر منظمة الأونروا، الوجه الأممي، لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وهي مشكلة فريدة من نوعها في العالم كله. تعداد الشعب الفلسطيني كله، يصل لحوالي 14 مليون ، نصفهم موزع بين الضفة الغربية وقطاع غزة وعرب الداخل، والنصف الثاني، أي حوالي 7 مليون يعيش خارج الأراضي الفلسطينية، غالبيتهم في كل من الأردن وسوريا ولبنان. حيث يعيش ثلث اللاجئين في هذه الدول، بحسب الأونروا في مخيمات اللاجئين، بينما الثلثين الآخرين يعيشون في المدن والقرى القريبة منها. وفيما عدا اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، والذي يتمتع الغالبية منهم بالجنسية الأردنية، نظرا لإدارة الأردن للضفة الغربية قبل حرب 67، فإن اللاجئين الفلسطينيين في الدول الأخرى، لا يتمتعون بمواطنة البلاد التي يعيشون فيها، ويعيشون ويعملون ويسافرون حسب قواعد خاصة تختلف من بلد إلى أخرى. كما عاني الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، من تهجير مضاعف، حين اضطروا، نتيجة للحرب في سوريا، للنزوح من أماكنهم إلى أماكن أخرى. الضفة وغزة حركة التهجير الواسعة التي بدأت من عام 1948، لم تكن قاصرة فقط على اللجوء لدول أخرى، فالكثير من سكان المدن والقرى الفلسطينية الذين تم تهجيرهم نزحوا إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. حركة التهجير هي ما تفسير الكثافة السكانية العالية جدا في قطاع صغير مثل قطاع غزة، لا تتجاوز مساحته 360 كليومترًا مربعًا، ولم يزد عدد سكانه قبل التهجير عن 80 ألف نسمة، حيث لجأ إلى القطاع، حوالي 200 ألف لاجئ، بعد حرب 48، ولذلك يشكل اللاجئين غالبية السكان في القطاع حتى الآن، حيث يصل عدد اللاجئين المسجلين حاليًا لدى منظمة الأونروا في القطاع حوالي مليون ونصف لاجئ. ويشكلون حوالي 20 % من مجمل اللاجئين الفلسطينيين. بينما يشكل اللاجئون في الضفة 16 % منهم، بتعداد يصل ل 800 ألف لاجئ مسجل لدى المنظمة. ورسميًا ، هناك 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى منظمة الأونروا. وتقدم لهم المنظمة برامج خدمية كثيرة من التعليم الأساسي مرورا بالخدمات الصحية وإنشاءات البنية التحتية، وحتى منح المساعدات المالية وقروض العمل. الأونروا والعودة يعتبر وجود الأونروا بحد ذاته، اعترافًا من الأمم المتحدة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة. إلا أنها لا تتمتع بأي دخل أو تمويل ثابت، بل تعتمد على معونات متغير من أمريكا والاتحاد الأوروبي والدول الإقليمية. ولهذا قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في أغسطس عام 2018. قطع التمويل الأمريكي عن المنظمة، والذي يزيد عن ثلث تمويل المنظمة بالكامل، لاعتقاد إدارته أن قضية اللاجئين تشكل عقبة في طريق حل الصراع. وقد أدى هذا القطع لإجراء المنظمة تخفيضات في برامجها الإغاثية، كما لم تتمكن من دفع بعض مرتبات موظفيها. جدير بالذكر أن اللاجئين الفلسطينيين يتمتعون تاريخيًا بمظلة قانونية دولية، تمنحهم حق العودة إلى ديارهم الأصلية، تبعًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 194، حيث تنص المادة رقم 11 من القرار بأنه قد “تقرر وجوب السماح بالعودة- في أقرب وقت ممكن- للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات والسلطات المسؤولة”. جدير بالذكر أن قطع ترامب لتمويل الأونروا، جاء بعد مسيرات شعبية ضخمة شهدها قطاع غزة في ذلك العام، حيث تمت الدعوة لمسيرات شعبية تجاه السور المحيط بالقطاع، وسميت بمسيرات العودة، وبدأت من يوم الأرض الفلسطيني ، في 30 مارس 2018، وبلغت ذروتها في 14 مايو من نفس العام، أي قبل يوم من ذكرى النكبة في 15 مايو، وقد راح العشرات ضحية العدوان الإسرائيلي على هذه المسيرات، كما أصيب المئات من الفلسطينيين. خطوة ترامب في قطع التمويل عن الأونروا سرعان ما تراجع عنه خلفه الرئيس جو بايدن حين أعلن في إبريل 2021 استئناف التمويل الأمريكي للفلسطينيين بقيمة 230 مليون دولار، 150 مليون دولار منهم لمنظمة الأونروا. تدير الأونروا في الوقت الحالي، ما يزيد عن ستين مخيمًا رسميًا للاجئين الفلسطينيين، منهم ثمان مخيمات في غزة، و19 في الضفة الغربية، وعشرة في الأردن، واثنا عشر مخيمًا في كل من سوريا ولبنان. شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.