أنت تقرأ الآن:

سباقات الصحراء.. كيف بدأت سباقات الخيول والسيارات؟

سباقات الصحراء.. كيف بدأت سباقات الخيول والسيارات؟

للخطر متعة تستهوي البعض

دفعات من الأدرينالين والترقب 

مصحوبة بزمجرة محرك.. أو صهيل فرس.

ترتفع بك السرعة إلى مجالات أعلى.. فيختفي مجال العودة بالتدريج.. وتفقد الشعور بالوقت.. ثم تباغتك المتعة

أهلًا بك في عالم السرعة.. عالم السباقات الصحراوية.

المنافسة ذائقة خاصة، ولطالما أحب البشر حس المغامرة والمبارزة.. 

وفي المنطقة العربية ارتبطت السرعة والشجاعة بالخيول.. ومؤخرًا بالسيارات. 

سباق

منذ الأربعينيات وحتى وقتنا هذا، كان سباق الخيول لا يزال نشاطًا شعبيًّا في دول الشرق الأوسط مثل لبنان ومصر والعراق وتونس. 

وفي الآونة الأخيرة اتخذت دول الخليج العربي زمام المبادرة للترويج لهذه الرياضة، والتي تعد جزءًا من الثقافة البدوية القديمة. 

لكن حتى نعرف كيف تحوّل حب الخيول إلى صناعة ترفيهية.. علينا أن نرجع إلى الوراء قليلًا.

إلى عام 1915، حين تم تنظيم سباق كل يوم أحد في مضمار صغير خارج بيروت التي كانت آنذاك مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية. 

كل أطياف الشرق الأوسط شاركت في سباقات مستوحاة من سباقات الفرنسيين والبريطانيين، خصوصًا سباق الخيل البريطاني في الهند. 

كان عدد السباقات محدودًا، ولم يشارك فيه سوى قليل من الخيول والأفراد. ومع ازدياد شعبية السباقات في لبنان وسوريا تحوّل النشاط إلى صناعة كاملة توفر مصدر دخل للآلاف، وترفيه لمئات الأشخاص. 

وبحلول عام 1921 أصبح مضمار السباق القديم أصغر من أن يستوعب العدد المتزايد من الخيول والمتفرجين، فتم بناء مضمار سباق وإسطبلات جديدة في حديقة عامة مغطاة بأشجار الصنوبر مملوكة لبلدية بيروت.

الشعبية المتزايدة لصناعة السباقات أدت إلى ازدهار سلالة الخيول العربية في لبنان وسوريا، وتطورها إلى مستويات لم تشهدها من قبل، وفي العصر الحالي أصبحت سباقات الخيول في الخليج العربي الأفضل في العالم، حيث تجذب أفضل الخيول والفرسان من جميع البلدان، وصارت الرياضة ذاتها تعتمد بشكل متزايد على رعاية الشرق الأوسط.

التجارة 

دفعت التجارة المصاحبة لرياضة ترفيهية مثل سباق الخيول عددًا من التجار أن يجوبوا سهوب الجزيرة في العراق والشام آنذاك بحثًا عن مهور صغيرة، ذلك لإشباع شهية متسابقي الخيول الأثرياء في المدن التي تقام فيها السباقات. 

الحصان العربي سلالة عريقة ومتعددة الاستخدامات، يمكن التعرف عليها بسهولة بين بقية السلالات من خلال خواصٍ وصفات واضحة الملامح. فمن الناحية الجسدية تُعرف الخيول العربية بقدرتها على الحفاظ على سرعات عالية لمسافات طويلة، ما يعني أنها الأنسب لسباقات التحمّل.

نشأت هذه السلالة في صحاري شبه الجزيرة العربية، لكنها موجودة الآن في جميع أنحاء الكوكب، ومعظم الخيول الحديثة فيها على الأقل درجة من الجينات العربية، بحيث يمكن إرجاع جميع السلالات الحديثة تقريبًا إلى مجموعة صغيرة من الخيول العربية التي سافرت إلى أوروبا في القرن الثامن عشر. 

الصناعة 

لكن في العصر الحديث أصبح للسرعة التي توفرها السيارة رواج ومتعة خاصة، فنمت صناعة سباقات الرالي في الشرق الأوسط بشكل مذهل. تعد هذه المنطقة الآن موطنًا لبعض أرقى حلبات السباق وأغنى الجوائز في هذه الرياضة، متجاوزة سباق “كنتاكي ديربي” الأمريكي. وتقام هذه السباقات في المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وقطر.

تتساءل كيف ظهرت سباقات السيارات إلى النور؟

حسنًا.. يمكن القول إن سباق السيارات بدأ بعد أول اختراع ناجح لمركبة تعمل بالوقود. أقيم السباق الأول عام 1887 في فرنسا، وكان طول مضمار السباق كيلومترين، ولم يكن به سوى مشارك واحد فقط هو “جورج بوتون” الذي أصبح بطبيعة الحال الفائز.

في يوليو 1894، نظّمت فرنسا سباقًا جديدًا، هو أول سباق رسمي للسيارات في العالم. سجل 102 مشارك في سباق 127 كيلومترًا، وكان الفائز “الكونت جول فيليكس فيليب ألبرت دي ديون” الذي اجتاز المسافة في 6 ساعات و48 دقيقة. وكان متوسط ​​سرعة سيارته 19 كيلومترًا في الساعة.

أقيم سباق “مونت كارلو” في يناير 1911، وذلك بعد أن أصبح تنسيق رالي باريس من مدينة إلى مدينة شائعًا للغاية. وتنوعت مسارات السباق: من طرق المدينة إلى الطرق المرصوفة بالحصى، حيث اعتاد السائقون مقابلة الحيوانات وسكان القرى المجاورة.. مغامرة حقيقية. 

انتشر سباق الرالي بسرعة في جميع أنحاء أوروبا، لكن بسبب الحرب العالمية الأولى تم تعليقه حتى عام 1924، حين أصبح “رالي مونت كارلو” يقام سنويًّا، وأصبح إحدى جولات بطولة العالم للراليات.

رالي السيارات في الشرق الأوسط

 لا بد من أنك تعرف عن سباق “داكار”. سباق أقيم أول مرة عام 1978، وهو أحد أكثر أحداث رياضة السيارات وعورة في العالم. تقام المسابقة الأسطورية على مدار 13 يومًا وتشهد اجتياز المنافسين ما يصل إلى 9000 ميل من مجموعة متنوعة من أعتى التضاريس والظروف على كوكب الأرض، ابتداءً بباريس وانتهاءً بـ”داكار” عاصمة السنغال.

لكن تأكد أن ما يقرب من نصف دراجات الرالي وسياراته لا تعبر خط النهاية أبدًا أو حتى تقترب منه، إنه سباق تحمل أكثر منه سباق وصول. 

بدأت الفكرة عام 1977 حين كان المتسابق الفرنسي “تييري سابين” يتنافس في “أبيدجان”، وفي أثناء محاولته استعادة اتجاهاته لم يستطع “سابين” إلا أن يلاحظ أن الصحراء التي وجد نفسه فيها تشكّل أرضية رائعة لسباق حاشد لمسافات طويلة. 

وبمجرد عودته من الصحراء بدأ تنظيم سباق جديد على الطرق الوعرة، وبحلول عام 1978 كان 182 متسابقًا يصطفّون في أولى فعاليات رالي “باريس-داكار”. رغم أن 74 راكبًا فقط سيكملون الرحلة التي تبلغ حوالي 6200 ميل.

في السنوات التي تلت ذلك نما رالي “داكار” من حيث الحجم والسمعة، وجذب المتسابقين النخبة والرعاة الأثرياء على حد سواء. وأصبح كل حدث أكثر تعقيدًا وتنظيمًا.

الرالي في المنطقة العربية 

الصحراء تغري دومًا بالسرعة، ولطالما كان للصحراء العربية سحر خاص عند أهلها وزائريها على السواء، وهكذا أصبحت للمنطقة العربية مكانة هامة في عالم الرالي والسباقات الصحراوية.

بطولة الشرق الأوسط للراليات التابعة للاتحاد الدولي للسيارات (FIA) تقام منذ عام 1984، وتفتح ملعبًا استثنائيًّا لسائقي الرالي في صحاري شاسعة ورمال تنزلق عليها السيارات والدراجات النارية بنعومة.

عدد من الراليات الدولية يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وقد ضمّت بطولة الشرق الأوسط عددًا من السباقات الدولية مثل “رالي قطر” و”رالي دبي الدولي” اللذان يقامان كل عام.

 تضمنت البطولة أحداثًا طويلة المدى مثل “رالي حائل وجدة” في المملكة العربية السعودية، و”رالي  لبنان” و”رالي عمان” و”رالي قبرص” إضافةً إلى “رالي الأردن”. وتضم البطولة كذلك فعاليات في الكويت ولبنان وقبرص والأردن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة.

ولا يزال عشاق التسابق يتوافدون إلى مواقع جديدة يغامرون فيها، لا من أجل الوصول، إنما هو التعطش لمتعة لا يعرفها إلا من أحب الخطر. 

شارك هذا المقال

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *

أدخل كلمات البحث الرئيسية واضغط على Enter