لعبة الحبار: رموز دينية وإشارات خفية في أرقام اللاعبين

سالي جاهين

بعد مشاهدة مسلسل لعبة الحبار أو “سكويد جيم”، مثلي مثل ملايين في العالم، التقيت بمجموعة من أصدقائي وأجرينا ندوة حول المسلسل مع نحو 20 شخصًا آخرين لنبدأ عصفًا ذهنيًّا وتحليلًا عميقًا للمسلسل.. كلنا شاهدنا المسلسل، كلنا حفظنا أرقام اللاعبين البؤساء، وكلنا ضعاف في تذكّر الأسماء الكورية، لذا استخدمنا مزيجًا من الأرقام والصفات لكي نشرح ما نريد: “الرجل العجوز رقم 1″، “الرجل الطيب رقم 456″، و”البلطجي رقم 101” و”الفتاة ذات الشعر القصير رقم 67″، إلخ.

لكن هل جاءت أرقام اللاعبين في المسلسل عشوائية؟ لا أعتقد، وربما يقنعك هذا المقال أنها لم تكن كذلك. لقد وضع المسلسل الكثير من الإشارات التي يصعب تجاهلها، وبعد مشاهدة ثانية للتأكد أصبح مؤكدًا أن التلميحات كانت مقصودة وواضحة. لكن دعنا نُخلِ ذمتنا أولًا، هذه فرصتك الأخيرة للخروج قبل حرق الأحداث.

فكيف كانت أرقام اللاعبين تدل على شخصياتهم والدور الذي لعبوه في القصة؟

رقم 1: إيل نام

الرجل العجوز الودود يلفت انتباهنا منذ البداية لأنه ببساطة رقم 1، وكأن منظمي اللعبة اختاروا العجوز الذي يعيش آخر أيامه ليكون أول المشاركين في اللعبة الدموية.

لا بأس إن كان هذا أول ما يشدنا لـ”إيل نام”، لكن بالطبع إن كنت شاهدت المسلسل لعرفت أنه كان المخطّط للعبة كلها، لا يخضع للقوانين التي وضعها لبقية الناس، وعندما يخسر لعبة “كرات البلي” لا يُقتل كالآخرين، لكنه يعود إلى مقاعد المشاهدين.

الرقم 1 يعني أنه فوق الجميع… في الواقع، يترك هوانغ دونغ-هيوك، الكاتب والمخرج، تلميحًا خفيًّا آخر ليركز على كون “إيل نام” فوق الجميع. ففي المسلسل يقول “إيل نام” إن عيد ميلاد ابنه الذي ابتعد عنه هو 24 ديسمبر، ليس هذا وحسب، بل يعطي رسالة إلى البطل “جي هون” في الحلقة الأخيرة ليقابله في برج السماء، الدور السابع، ويكون اللقاء كذلك في ليلة الكريسماس.

ليس الرمز هنا خفيًّا على أحد. فالمسيح عند المؤمنين بالمسيحية هو ابن الرب، وعيد ميلاده في 25 ديسمبر. يترك دونغ-هيوك هنا رسالة أكثر وضوحًا: إنه يعتبر “إيل نام” رقم 1 مخطط لعبة الحبار إلهًا للعبة، يرفض حتى أن يجبر الناس على المشاركة فيها لأنه في لحظة التصويت الحاسم لاستمرار اللعبة أو إلغائها يقرر أن يوقفها، وهي لا تستمر إلا بهؤلاء الذين عادوا بإرادتهم، وكأنه يقول للناس: “ستُحاسبون بناء على أفعالكم التي اتخذتموها بإرادتكم الحرة”.

رقم 456: جي هون

إذا كان “إيل نام” أقوى أفراد اللعبة والمحرك الخفي لها، فإن بطل المسلسل “جي هون”، على النقيض، هو آخر شخص في ترتيب اللاعبين، وكأنه آخر من تم اختياره، الرقم غريب بالنسبة إلى المشاهد، يجعله يتساءل لماذا لم تبدأ اللعبة بـ450 أو 455 لاعبًا؟ وهذا سيكون رقمًا سهلًا على العين، لذا رقم 456 سيجعلك تلاحظه.

كذلك يبدو “جي هون” للوهلة الأولى أقل اللاعبين حظًّا. فهو فاشل في حياته، ولا يبدو عدوانيًّا أو تنافسيًّا مثل البلطجي “ديوك سو” رقم 101، وليس في ذكاء “سانغ وو” رقم 218، وفي اللعبة الأولى ينجو فقط لأن “علي” ينقذه من الموت.

لكن رقم جي هو نفس رقم الجائزة 456 مليار وون، إنه ببساطة آخر الصف والمستضعف “Underdog” إن جاز التعبير، ولا يظهر له مميزات قبل أن يبدأ في ابتكار حل لمعضلة حلوى المظلة في اللعبة الثانية، وإن كان آخر الصف في لعبة الجسر الزجاجي هو ما ينقذ حياته لأنه آخر من يلعب اللعبة القائمة على الحظ تمامًا.

في نهاية المسلسل نجد “جي هون” يمنع رجلًا بائسًا من تكرار ما حدث معه، ويتصل بمنظمي اللعبة يتوعدهم بأنه سيواجههم، فربما يكون رقم 456 لأنه آخر اللاعبين، هو أيضًا من يضع نهاية للألعاب التي تتكرر سنويًّا.

رقم 218: سانغ وو

الأكثر ذكاءً بين اللاعبين وصاحب شراسة خفية، ولو كانت لعبة الحبار واقعيةً، وليست مجرد مسلسل على الشاشة، لربما كان هو الفائز، لكن المسلسل يريد بالطبع للبطل الطيب أن يفوز.

رقم 218 يضع “سانغ وو” قرب منتصف ترتيب اللاعبين، فهو ليس مطلق النفوذ والسلطة كإيل نام، وليس بريئًا وضعيفًا مثل جي هون، إنه اللاعب الأكثر واقعية في ردود أفعاله وتصرفاته، وإذا وضعت غالبية الناس في مواقف قاسية لكان سانغ وو يقيم التحالفات، ثم يتخلى عنها إذا كان ذلك في مصلحته.

وصحيح أن رقم 218 ليس في المنتصف بدقة. فربما كان على “سانغ وو” أن يحصل على رقم 228، وهو الوسط الحقيقي بين 1 و456، لكن ذلك يبدو لأن رقم 218 يحمل إشارة مميزة أخرى، فإذا جمعت الأعداد المكونة له: 8 + 1+ 2 = 11، وإن جمعت هذين العددين مجددًا تكون النتيجة 2، ما قد يكون تلميحًا لكونه صاحب المركز الثاني. وقد يحمل إشارة أخرى هي 1 ضد 1 كإشارة لمواجهته الأخيرة مع جي هون.

رقم 67: ساي بيوك

تعاطف كثير من المشاهدين مع الفتاة المنشقة عن كوريا الشمالية. فهي ذكية ولديها إصرار وهدف للفوز يسهل التعاطف معه، وهو إنقاذ عائلتها من كوريا الشمالية وإخراج أخيها من الملجأ. وربما كانت لتصبح الفائزة باللعبة لولا سوء حظها الذي يختبئ في رقمها، فأنت إن جمعت العددين المكونين لرقم 67 سيكون المجموع 13، وهو رقم شؤم في الثقافة الغربية، ثم إنك إن جمعت العددين المكونين لهذا الرقم أيضًا تجد أن الناتج 4، وهو رقم شؤم في الثقافات الآسيوية، بسبب المصادفة التي جعلت نطقه قريبًا من كلمة “موت” في الصينية (死). ينتشر هذا المعتقد الخرافي في الدول السابقة لدرجة أن كثيرًا من المباني الكورية تحذف رقم 4 من المصاعد وتستبدل به حرف F.

يتوافق هذا التأويل مع كون اسمها ساي، ورقم 4 بالصينية (四) هو “سي” أيضًا، ليس عليك سوى أن تذكر أنها نجت من لعبة الجسر الزجاجي قبل جي هون وساعدته في تذكّر اللوح الزجاجي الذي يمكنه الوقوف عليه، فأنقذته.. لكنها الوحيدة التي تصاب بجرح عميق جراء انفجار الزجاج، فتضيع فرصتها في المنافسة في اللعبة الأخيرة، وحتى عندما يفكر جي هون في قتل سانغ وو تمنعه هي، فتلقى مصرعها على يد سانغ وو نفسه في نهاية مأساوية.

رقم 101: ديوك سو

بلطجي اللعبة وأكثر شخصية عجز المشاهدون عن التعاطف معها، دخل اللعبة الدموية يهرب من رجال عصابات منافسة. بمجرد ظهوره على الشاشة يعرف المشاهدون أنه سيكون “المتنمر” الذي يثير المشكلات ويسبب أكبر المتاعب للشخصيات التي يحبونها.. سيكون في مواجهتها.

لذا لا تستغرب إن كان رقمه هو 101، فمثل سانغ وو أيضًا يمكن أن يكون رقمًا يرمز إلى 1 ضد 1 بسبب طبيعته التنافسية، لكنه على العكس من سانغ وو ليس جيدًا في إبقاء خططه وعدوانيته سرًّا، فهو بلطجي وفظ، لا يهتم إلا بنفسه، بعكس سانغ وو الذي يمكنه خداعك.

هكذا قد تبدو أرقام اللاعبين في مسلسل “لعبة الحبار” عشوائية تمامًا، لكن بعض الإشارات الخفية لا يمكن أن تكون قد اجتمعت فيها بالمصادفة، ولا شك أن كتّاب المسلسل قد فكروا، وهم يوزعون هذه الأرقام على اللاعبين، أن يلعبوا هم كذلك ببعض الإشارات الخفية التي قد تسلي الجمهور في ما بعد وهو يحاول استكشافها.