أنت تقرأ الآن:

أوبك.. كيف بدأت منظمة الدول المصدّرة للنفط؟

أوبك.. كيف بدأت منظمة الدول المصدّرة للنفط؟

في سبتمبر 1960 اجتمعت الدول المصدرة للنفط في بغداد لتأسيس منظمة تنسّق سياسات الطاقة، والتي تضمن سعرًا عادلًا للنفط الذي يتم تصديره وإمداداته الثابتة للسوق، وهنا وُلدت “أوبك”، من رحم كل من المملكة العربية السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا. 

فيما بعد انضمت قطر وإندونيسيا وليبيا والإمارات العربية المتحدة والجزائر ونيجيريا والإكوادور والغابون وأنجولا وغينيا الاستوائية والكونغو. وينتج هؤلاء في الوقت الحالي ما يقرب من %30 من النفط الخام في العالم. 

فكيف بدأت أوبك؟

في خمسينيات القرن الماضي، زاد الاتحاد السوفيتي إنتاجه من النفط الخام، فاضطر كبار مصدّري النفط في العالم آنذاك 

إلى خفض أسعارهم لمنافسة النفط السوفيتي، وبعد الخفض الثاني على التوالي في أسعار النفط، اجتمعت الدول العربية

لإيجاد طريقة تضمن عدم انخفاض السعر أكثر، والاستفادة القصوى من أرباح النفط، فتأسست “أوبك”.

في الستينيات رسّخت المنظمة مكانتها في سوق النفط العالمية، لكنها سرعان ما واجهت مشكلة في التعاون والتنسيق، وعانت من التشتت بين المسرحين الاقتصادي والسياسي. فخلال حرب الأيام الستة عام 1967، أراد عدد من الأعضاء العرب في أوبك مقاطعة إسرائيل. 

استمرت الحرب ستة أيام فقط، وفشل الحظر لعدم دعم فنزويلا وإيران فرض عقوبات على إسرائيل. وفي عام 1968، حددت أوبك السياسة البترولية للدول الأعضاء، والتي كرست حق كل دولة في السيادة الكاملة على مواردها الطبيعية. 

يمكن تصوّر الوضع  العالمي في خلفية هذه القرارات، حيث كان العالم في أوج مناهضة الاستعمار، والعديد من دول أوبك كانت مستعمرات سابقة حرصت على مقاومة هيمنة شركات البترول متعددة الجنسيات على السوق، والتي تملكها في الغالب الدول الغنية، فتوسعت عضوية “أوبك”.

وبحلول عام 1969 انضمت إليها خمس دول أخرى، لكن مع اكتشاف مصادر جديدة للنفط في نيجيريا وألاسكا وبحر الشمال، واجهت “أوبك” مشكلة في الاحتفاظ بحصتها في السوق، ما عرقل سيطرتها على السوق والحفاظ على مستوى الأسعار.

وبحلول عام 1973 كانت أوبك تزوّد %56 من نفط العالم، حين شنت مصر وسوريا هجومًا على إسرائيل، وتسبب دعم الولايات المتحدة إسرائيل في تأثير كارثي على الاقتصاد الأمريكي، حيث فُرض حظر على مبيعات النفط لأمريكا وكندا والمملكة المتحدة واليابان وهولندا، ما أحدث صدمة في سوق النفط، وخلق نقصًا في الإمدادات، وارتفاعًا حادًّا في الأسعار.

كان الحظر بمنزلة تحول في القوة السياسية والاقتصادية لأوبك، حيث أدرك العالم تأثير المنظمة في دول قوية

مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة عبر السيطرة على إمدادات النفط.

ومع اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، ثم الحرب مع العراق، تقيدت إمدادات النفط الإيراني وانهار إنتاج الدولتين، وبدأت قبضة “أوبك” على السوق تلين مع استمرار الاستكشاف في خليج المكسيك وبحر الشمال وألاسكا وسيبيريا وغيرها،

إلى جانب قيام عدد باستخدام الفحم لتجنب النفط باهظ الثمن.

لكن أدت نهاية الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 إلى استقرار سياسي مؤقت لأوبك. وفي عام 1989 انهار الاتحاد السوفيتي، وانتهت الهيمنة الرسمية على إنتاج النفط السوفيتي.

في السنوات الأخيرة دفع غزو العراق عام 2003 إلى انخفاض العرض، لكن الأعضاء الآخرين وخصوصًا المملكة العربية السعودية  تمكنوا من سد الفجوة خاصة مع نمو إنتاج النفط السعودي حتى باتت هي أكبر مورّد نفط داخل “أوبك”،

بمعدل أكثر من 10 ملايين برميل يوميًّا.

يستمر تأثير “أوبك” في المسرح السياسي إلى يومنا هذا، حيث أعلنت المنظمة عن مزيد من خفض إنتاج النفط عالميًّا

حتى ديسمبر 2024. للسيطرة على ضخ وأسعار النفط وسط اضطرابات سياسية لا تتوقف وتؤثر على الأسعار بشكل مستمر. 

لقد برزت عدة تحديات لنفوذ “أوبك”، بما في ذلك ظهور الولايات المتحدة مصدرًا رئيسًا للنفط، والتحول العالمي إلى مصادر طاقة أنظف، والاضطرابات الناجمة عن جائحة COVID-19، ثم الغزو الروسي لأوكرانيا، حين ارتفع سعر خام برنت إلى أكثر من 130 دولارًا للبرميل.

لكن المنظمة تكيفت من خلال تشكيل تحالف “أوبك +” مع روسيا ودول أخرى، والتي تجتمع بانتظام لتحديد كمية النفط الخام التي يجب بيعها في السوق العالمية. وفي هذا السياق رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب العالمي على النفط

بمقدار 200 ألف برميل يوميا إلى 102 مليون برميل يوميًّا. 

لكن وزير الطاقة السعودي الأمير “عبدالعزيز بن سلمان” قال: “إن أوبك وأوبك+ ستواصلان العمل الاستباقي والوقائي

بغض النظر عن أي انتقادات”. وقال: “إن وكالة الطاقة تثبت أن لديها موهبة خاصة في أن تكون مخطئة باستمرار”.

محذرًا “المضاربين” بأنهم “سيتألمون”.

في حين قال وزير النفط الكويتي بدر الملا “إن قرار أوبك + بالخفض هدفه دعم استقرار الأسواق العالمية في ظل التغيرات المتسارعة الناتجة عن تطورات الأوضاع الاقتصادية في العالم”، وهو ما أكده أيضًا سهيل المزروعي، وزير الطاقة الإماراتي، مشددًا على التزام بلاده باتفاق أوبك+، والآلية الحالية لإنتاج النفط.

فأي تحديات جديدة تنتظر “أوبك” في الفترة القادمة؟

شارك هذا المقال

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *

أدخل كلمات البحث الرئيسية واضغط على Enter