سياسة ما بعد الحرب: ما هي سيناريوهات مستقبل غزة بعد العدوان الاسرائيلي؟ Nuqta Doc منذ 10 أشهر أصبحت الحرب الانتقامية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة من 7 أكتوبر الماضي واحدة من أكثر الحروب تدميراً في القرن الحادي والعشرين، حيث تشير التقديرات إلى استشهاد أكثر من 20 ألف شخص وإصابة أكثر من 55 ألف شخصا آخرين، واضطر 85٪ من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة الفرار من منازلهم. وعلى الرغم من تصاعد الاستنكار الدولي بشأن الكارثة الإنسانية، بما في ذلك الانتقادات المتزايدة من الولايات المتحدة، الحليف الأكثر أهمية لإسرائيل، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ستستمر في تحقيق “النصر الكامل” على حماس. قد يرغب نتنياهو في تأجيل المناقشات حول السيناريوهات المحتملة لغزة ما بعد الحرب لحماية منصبه كرئيس للوزراء؛ فأي حل يشمل أطرافاً فلسطينية، يهدد الاستقرار حكومته الائتلافية اليمينية المتطرفة. أما عن الحكومة التي سيقبل بها في غزة بعد الحرب، فاكتفى بالقول: “ستكون هناك إدارة مدنية لا تربي أبنائها لتدمير إسرائيل”. وكان وزير الحرب، بيني غانتس، أكثر تحديدا بعض الشيء، حيث قال إن على إسرائيل “تحديد المصادر المحلية التي ستهتم بقضايا الصرف الصحي والأدوية والقضايا المدنية” بدعم من “الدول العربية المعتدلة”، مضيفا أن إسرائيل ستقوم بفرض سيطرة أمنية كاملة على القطاع بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي التي ستسمح بمواصلة الحملات العسكرية الإسرائيلية على الأرض، بالإضافة إلى إنشاء منطقة عسكرية عازلة داخل غزة، سيدخل الجيش الإسرائيلي أيضًا إلى غزة حسب الحاجة من أجل “تحييد التهديدات الإرهابية”. وتفتقر السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر إلى التفويض الموثوق الذي تحتاجه للمشاركة في تقرير أمن ومستقبل غزة. إذ أظهر استطلاع للرأي في زمن الحرب نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الأسبوع الماضي أن أغلبية ساحقة من الفلسطينيين ترفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث قال ما يقرب من 90٪ إنه يجب عليه الاستقالة. وتظهر استطلاعات الرأي السابقة أن معظم الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة. قال أحد كبار مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في وقت سابق إن السلطة الفلسطينية لن توافق على العودة إلى غزة – حيث كانت تتولى المسؤولية منذ وقت الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب في عام 2005 حتى عام 2007 – ما لم تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل على اعتبار أن هذه الخطوة ستكون جزءا من مبادرة أوسع تهدف إلى حل الدولتين في نهاية المطاف. لكن نتنياهو رفض كلا الشرطين تقريبا، قائلا مرارا وتكرارا إنه لن يسمح لغزة بأن تصبح “فتحستان”، وأعلن أنه “فخور” لأنه منع إقامة دولة فلسطينية. ومن جانبها، أدرجت الولايات المتحدة معارضة إعادة احتلال غزة وتقليص مساحة أراضي غزة من خلال إنشاء منطقة عازلة بين “مبادئها الخمسة” في التعامل مع غزة في مرحلة ما بعد الحرب؛ إشارة إلى الخمسة مبادئ التي توجه النهج المتبع من الولايات المتحدة الأميركية في التعامل مع غزة في مرحلة ما بعد الصراع: لا تهجير قسري، لا إعادة احتلال، لا حصار، لا تقليص في الأراضي، لا استخدام غزة كمنصة للإرهاب. ومع ذلك، أقر مساعدو بايدن أنه سيتعين على الجيش الإسرائيلي الحفاظ على وجود أمني في غزة لفترة أولية بعد الحرب. إذ أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مات ميلر، أنه “ستكون هناك حاجة إلى فترة انتقالية في نهاية هذا الصراع، حتى لا يكون هناك فراغ أمني على الأرض. لكن في نهاية المطاف، كما كان الوزير واضحًا جدًا وكان الرئيس واضحًا جدًا، لا يمكن أن يكون هناك إعادة احتلال غزة”. وتريد الولايات المتحدة أن تبدأ هذه الفترة الانتقالية في غضون أسابيع، حيث يضغط مسؤولو بايدن المترددون على إسرائيل للتحول من العمليات العسكرية العالية إلى “المنخفضة الشدة” في غزة. لكن إسرائيل تنظر إلى هذه الفترة الانتقالية على أنها فترة يمكن أن تستمر لسنوات. في المقابل، إعادة بناء غزة سيستغرق عقودًا، وهناك احتمالً حقيقي بأن تتغير الجغرافيا الفعلية لغزة بناءً على الطموحات الإقليمية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي والسياسيون اليمينيون المتطرفون. إذ يطلق عدد متزايد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين دعوات للتهجير الجماعي للفلسطينيين إلى صحراء سيناء المصرية أو إلى بلدان أخرى فيما قد ينظر إليه الكثيرون على أنه “النكبة” الجديدة حين طرد ما يقدر بنحو 750 ألف فلسطيني من منازلهم عند إنشاء إسرائيل عام 1948. وظل المسؤولون المصريون ثابتين في معارضتهم الشديدة حتى للنظر في مثل هذه الخطة. مما لا شك فيه أن القوى الغربية ستدعو دول الخليج العربية الغنية – وتحديداً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر– إلى القيام بإعادة البناء، لكن هذه الدول قد لا ترغب حقاً في ذلك. إذ حتى قبل هذه الحرب، كانت جهود إعادة الإعمار في غزة تُختنق بفعل تحديات الحصار الإسرائيلي، إذ على الرغم من التعهدات بالمساعدات ومساعدات التوزيع بالمليارات، كانت المواد اللازمة لإعادة الإعمار في غزة صعبة للغاية وتستغرق وقتًا طويلاً. وقد تربط الدول العربية المانحة دعمها المالي والسياسي لإعادة إعمار غزة بعد الحرب بالتقدم نحو حل الدولتين. وينطبق الشيء نفسه على جهود حفظ السلام، إذ لا أحد غبي بما فيه الكفاية ليضع نفسه على أنه الذراع الأمني لإسرائيل في غزة. وهذا يترك توفير الضروريات الأساسية للمنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة لمحاولة إبقاء الفلسطينيين في غزة على قيد الحياة، وإيوائهم، وإطعامهم. شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.