سياسة حرب المياه بين إيران وأفغانستان Nuqta Doc منذ 10 أشهر المياه مصدر الحياة الأول، لكنها أيضًا مصدر للصراع والتوتر في أجزاء كثيرة من العالم. إحدى هذه المناطق هي المنطقة الحدودية بين إيران وأفغانستان، حيث يتدفق نهر هلمند من جبال هندو كوش عبر أفغانستان إلى مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية. ويعد النهر أكبر مصدر للمياه في المنطقة، حيث يدعم الزراعة والصناعة وملايين الأشخاص على جانبي الحدود. ومع ذلك، فهو أيضًا موضوع نزاع طويل الأمد بين البلدين حول حقوق المياه وبناء السدود. تعتمد كل من إيران وأفغانستان بشكل كبير على المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المحلي. وفقًا للبنك الدولي، تعد إيران واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، حيث يبلغ متوسط توفر المياه المتجددة سنويًّا 1468 مترًا مكعبًا للفرد، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 5829 مترًا مكعبًا للفرد. وتواجه أفغانستان أيضًا أزمة مياه حادة، حيث يبلغ متوسط توفر المياه المتجددة سنويًّا 2025 مترًا مكعبًا للفرد، ومن المتوقع أن ينخفض بشكل أكبر بسبب النمو السكاني، وتغير المناخ، والتدهور البيئي. وقد شهد كلا البلدين حالات جفاف وفيضانات متكررة أثرت في أمنهما الغذائي، والصحة العامة، وحقوق الإنسان، لذلك يحتاج كلا البلدين إلى المياه بشدة للحفاظ على سبل عيشهما ورفاههما. تاريخ النزاع يعود النزاع حول نهر هلمند إلى القرن التاسع عشر، عندما كانت أفغانستان محمية بريطانية وكانت إيران تحكمها أسرة قاجار. وفي عام 1872، رسم ضابط بريطاني يُدعى “فريدريك جولدسميد” الحدود بين البلدين على طول الفرع الرئيس للنهر، ولم يترك لإيران سوى جزء صغير من مياهها. وقد تم إضفاء الطابع الرسمي على هذا الترتيب في المعاهدة الأنجلو-أفغانية عام 1893، والتي منحت إيران أيضًا إمكانية الوصول إلى أحد روافد النهر المسمى “هاري رود”. وفي عام 1939، بعد حصول البلدين على الاستقلال عن النفوذ الأجنبي، وقّعا معاهدة خصصت لإيران 26 مترًا مكعبًا في الثانية من المياه من نهر هلمند. ومع ذلك، لم تصدق أفغانستان أبدًا على هذه المعاهدة، وسرعان ما انتهكها الجانبان. وفي الخمسينيات بنت أفغانستان سدّين على النهر، ما أدى إلى تقليل تدفقه إلى إيران. ورداً على ذلك دعمت إيران انتفاضة المتمردين البلوشيين في مقاطعة هلمند الأفغانية، وتصاعد الصراع عام 1961، عندما أغلقت إيران حدودها مع أفغانستان وقطعت العلاقات التجارية والدبلوماسية. وتم حل النزاع مؤقتاً عام 1973، عندما وقّع رئيسا وزراء البلدين على معاهدة جديدة تضمن لإيران 22 متراً مكعباً في الثانية من المياه من نهر هلمند خلال السنوات العادية وأربعة أمتار مكعبة إضافية في الثانية خلال سنوات الجفاف، كذلك أنشأت المعاهدة لجنة مشتركة لرصد تدفق المياه وإدارته. ومع ذلك، لم تصدق أفغانستان أبدًا على هذه المعاهدة وسرعان ما تم تقويضها بسبب عدم الاستقرار السياسي والحرب والجفاف في كلا البلدين. الوضع الحالي تفاقم الوضع عام 2021، عندما استولت حركة طالبان على السلطة في أفغانستان بعد حملة عسكرية سريعة أطاحت بالحكومة المدعومة من الولايات المتحدة. وتتهم إيران حركة طالبان بانتهاك معاهدة 1973 من خلال تقييد تدفق المياه من نهر هلمند إلى المناطق الشرقية الجافة في إيران. وتنفي حركة طالبان هذا الاتهام وتدّعي أن النهر ليس لديه كثير من المياه بسبب الجفاف وتغير المناخ. كما أنهم يلقون باللوم على إيران لدعم منافسيهم، مثل القوات الحكومية الأفغانية والميليشيات المحلية. نقطة الخلاف الرئيسة هي سد كمال خان، والذي أكملته الحكومة الأفغانية عام 2021 على نهر هلمند السفلي بالقرب من الحدود مع إيران. وتبلغ قدرة السد على تخزين 52 مليون متر مكعب من المياه وتوليد 9 ميجاوات من الكهرباء. ويهدف المشروع إلى توفير الري والطاقة لنحو مليون شخص في مقاطعة نمروز في أفغانستان. لكن إيران تخشى أن يؤدي السد إلى تقليل حصتها من مياه النهر والتسبب في أضرار بيئية لإقليمي سيستان وبلوشستان اللذين يعانيان عواصف رملية وترابية متكررة بسبب التصحر. وأدى الخلاف إلى عدة حوادث عنف وتوتر على طول الحدود بين إيران وأفغانستان. وفي مايو 2021، تبادل حرس الحدود الإيراني ومقاتلو حركة طالبان إطلاق النار بالقرب من نقطة حدودية في إقليم نمروز، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. في يونيو 2021، أفادت التقارير أن القوات الإيرانية قصفت قرى أفغانية بالقرب من سد كمال خان، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين. وفي يوليو 2021، حذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حركة طالبان من احترام حقوق إيران المائية وهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم. ورداً على ذلك، سخر مسؤول سابق في طالبان من رئيسي في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع واتهمه بالتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان. آفاق الحل من غير المرجح أن يتم حل النزاع حول نهر هلمند في أي وقت قريب، حيث إن لدى كل من البلدين مصالح ومطالبات متنافسة بشأن مياهه. إضافةً إلى ذلك، يواجه كلا البلدين تحديات متعددة تجعل التعاون صعبًا، مثل عدم الاستقرار السياسي، والعقوبات الاقتصادية، والتوترات العرقية، والمنافسات الإقليمية، والتهديدات الأمنية. ولكن هناك أيضًا بعض العوامل التي يمكن أن تسهل الحوار والتسوية بينهما، مثل الروابط الثقافية والدينية، حيث يتقاسم البلدان تاريخًا وثقافة ولغة ودينًا مشتركًا (الإسلام)، ما يمكن أن يعزز التفاهم والاحترام المتبادل، ولدى كلا البلدين مصالح اقتصادية في الحفاظ على روابط التجارة والعبور عبر حدودهما، الأمر الذي يمكن أن يوفر حوافز للتعاون. إضافةً إلى أن لدى كلا البلدين مصلحة في ضمان السلام والاستقرار في منطقتهما، الأمر الذي قد يحفزّهما على تجنّب مزيد من التصعيد والعنف. إن الصراع على المياه بين إيران وأفغانستان لا يشكّل تهديدًا لعلاقاتهما الثنائية فحسب، بل يشكّل أيضًا خطرًا على الأمن الإقليمي والعالمي. وإذا ترك النزاع دون حل، فقد يتصاعد إلى صراع مسلح واسع النطاق قد يشمل جهات فاعلة أخرى، مثل باكستان والهند والصين وروسيا والولايات المتحدة. وستكون عواقب مثل هذا السيناريو كارثية على ملايين الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة، وكذلك على البيئة والمناخ. ولذلك، فمن الضروري أن يتصرف البلدان بحكمة ومسؤولية لإيجاد حل سلمي ومقبول للطرفين لمشكلة المياه بينهما. ومصير نهر هلمند وشعبه يعتمد عليه. شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.