أنت تقرأ الآن:

العضوية مقابل الطائرات:لماذا سارعت الولايات المتحدة في إتمام صفقة بيع طائرات إف-16 مع تركيا بعد حظرها السابق لها؟

العضوية مقابل الطائرات:لماذا سارعت الولايات المتحدة في إتمام صفقة بيع طائرات إف-16 مع تركيا بعد حظرها السابق لها؟

وافقت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا بعد تصديق الحكومة التركية هذا الأسبوع على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي. أخطرت وزارة الخارجية الكونغرس بموافقتها على بيع طائرات إف-16 بقيمة 23 مليار دولار لتركيا في نهاية شهر يناير من العام الحالي. وجاءت هذه الخطوة بعد ساعات فقط من إيداع تركيا “صك التصديق” الخاص بانضمام السويد إلى الناتو لدى واشنطن، وهو مستودع وثائق التحالف، وحتى بعد أن اعترض العديد من الأعضاء الرئيسيين في الكونغرس. وكانت إدارة بايدن قد أيدت عملية البيع منذ مدة، لكن العديد من المشرعين أعربوا عن اعتراضاتهم بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. وقال هؤلاء المشرعون إنهم لا يزال لديهم مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في تركيا، لكنهم وافقوا على البيع بناءً على الالتزامات التي تعهدت بها تركيا لتحسينه.  

كما توصلت كندا وتركيا إلى اتفاق لاستئناف الصادرات الكندية لأجزاء الطائرات بدون طيار مقابل مزيد من الشفافية بشأن مكان استخدامها، وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد استكمال أنقرة تصديقها على طلب السويد في حلف شمال الأطلسي. وكانت كندا قد أوقفت مبيعات تكنولوجيا الطائرات بدون طيار إلى تركيا في عام 2020 بعد أن خلصت إلى أن أذربيجان استخدمت معداتها البصرية المرتبطة بطائرات بدون طيار تركية الصنع أثناء قتال القوات العِرقية الأرمنية في إقليم ناغورنو كاراباخ المعترف به دوليا كجزء من أذربيجان. وتعتقد أوتاوا أن أذربيجان استخدمت طائرات تركية بدون طيار مزودة بأجهزة استشعار كندية. كما أن لديها أدلة على احتمال استخدام طائرات تركية بدون طيار مزودة بأجهزة استشعار كندية في ليبيا وسوريا.

وكانت السويد وفنلندا قد تخلتا عن سياساتهما الطويلة الأمد المتمثلة في عدم الانحياز العسكري، وتقدمتا بطلب للحصول على عضوية التحالف بعد غزو القوات الروسية لأوكرانيا في فبراير 2022، وسط مخاوف من أن روسيا قد تستهدفهما بعد ذلك.

وفي أبريل من العام الماضي انضمت فنلندا إلى الحلف بالفعل، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الفنلندية في يناير الماضي رفع حظر تصدير الأسلحة عن تركيا والذي كان ساريًا منذ عام 2019 ومنحت ترخيصًا للمبيعات، إذ كان السماح ببيع الأسلحة إلى تركيا أحد الشروط التي طرحتها تركيا للموافقة على عضوية فنلندا والسويد في حلف شمال الأطلسي.

وكانت تركيا قد أجلت موافقتها على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي لأكثر من عام، لأنها تعتقد ظاهريا أن السويد لم تأخذ مخاوف الأمن القومي التركي على محمل الجد، بما في ذلك قتالها ضد المسلحين الأكراد والجماعات الأخرى التي تعتبرها أنقرة تهديدا أمنيا. وجاءت موافقة أنقرة في الوقت الذي تعهدت فيه ستوكهولم بدعم تحديث اتفاقية الجمارك التركية مع الاتحاد الأوروبي ورغبتها في السفر بدون تأشيرة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي لمواطنيها. ويتوقع أردوغان كذلك أن تتخذ ستوكهولم خطوات ضد أعضاء الجماعة التي تعتبرها أنقرة إرهابية، وهي حزب العمال الكردستاني.

ويعتمد انضمام السويد الرسمي إلى حلف شمال الأطلسي الآن على المجر، وهي آخر حليف متبق في حلف شمال الأطلسي لم يوافق على عضويتها، إذ يتطلب حلف شمال الأطلسي الموافقة من جميع الأعضاء الحاليين لتوسيعه. تزعم المجر أن السياسيين السويديين قالوا “أكاذيب صارخة” حول حالة الديمقراطية في المجر. ومع ذلك، أعلن رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أنه بعث برسالة إلى رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، يدعوه فيها إلى بودابست لمناقشة انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي. وقال مسؤولون من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إنهم يتوقعون أن تتحرك المجر بسرعة، خاصة بعد قرار تركيا.

وكانت الإدارة الأمريكية قد أزالت تركيا رسميًا في عام 2021، من برنامج المقاتلة جوينت سترايك فايتر  إف-35 بسبب شراء أنقرة لنظام الصواريخ الروسي إس-400 في عام 2017. 

ومن جانبها، هددت تركيا مراراً وتكراراً في السنوات الأخيرة بأنها قد تلجأ إلى روسيا للحصول على أسلحة ترفض الولايات المتحدة بيعها لها، لكن القول أسهل بكثير من الفعل، نظراً للتكاليف السياسية والاقتصادية لشراء عدد كبير من الطائرات الروسية. حيث أن تكلفة بدائل لطائرات إف-16 الأحدث ستكون ضخمة، إذ كانت القوة الجوية التركية أمريكية في الغالب منذ فجر عصر الطائرات النفاثة، وانضمام تركيا إلى حلف الناتو في عام 1952. ويعد شراء عدد كبير من طائرات الروسية سوخوي سو-35 بمثابة حل مؤقت لمقاتلات الجيل الرابع الذي سيتطلب كذلك شراء كميات كبيرة من الذخائر المصاحبة والصواريخ والأجزاء التي تختلف كليا عن تلك التي استخدمتها تركيا منذ فترة طويلة في طائراتها من طراز إف-16، ثم ستكون هناك أيضًا مشكلات التوافق الحتمية بين طائرات سوخوي الروسية الصنع وطائرات إف-16 التركية.

لذا تعد الصفقة العسكرية التي طال انتظارها انتصارا كبيرا لتركيا، التي تعمل على العديد من المشاريع الوطنية للطائرات والدبابات، بعد أن عانت من انتكاسات بسبب صعوبة العثور على محركات وأنظمة نقل لتشغيل المعدات، إذ استثمرت حكومة أردوغان بكثافة في تصنيع المحركات محليًا، مع نجاح محدود حتى الآن في مراحل الاختبار والتكامل. حيث تعمل تركيا على تطوير مقاتلة شبح من الجيل الخامس تسمى تاي تي إف – إكس، ومع ذلك، لا يوجد لها حتى نموذج أولي حتى الآن، ومن غير المرجح أن تدخل الطائرة الإنتاج التسلسلي قبل عقد آخر على الأقل.

وحتى ذلك الحين، تفتقر تركيا إلى مقاتلات الجيل الرابع التي ستحتاجها للحفاظ على قوة جوية متقدمة نسبيًا من الناحية التكنولوجية. وهذا يفسر سبب حاجة أنقرة الملحة لطائرات إف-16 والأدوات اللازمة لتحديث العديد من مقاتلاتها الحالية ، تركيا ثالث أكبر مشغل لطائرات إف-16 بعد الولايات المتحدة وإسرائيل فقط، حيث تشكل 270 طائرة من الطائرات الشهيرة العمود الفقري لقواتها الجوية. طائرات إف-16 التركية هي من طرازات أقدم. يعتبر طراز بلوك 70 من الطائرة إف-16 التي طلبتها أنقرة من الولايات المتحدة طائرة نفاثة متقدمة للغاية من الجيل الرابع.

شارك هذا المقال

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *

أدخل كلمات البحث الرئيسية واضغط على Enter