أنت تقرأ الآن:

خطوة نحو السلام: لماذا يشتعل الخلاف بين إسرائيل وحلفائها في الغرب بشأن حل الدولتين؟

خطوة نحو السلام: لماذا يشتعل الخلاف بين إسرائيل وحلفائها في الغرب بشأن حل الدولتين؟

=

على مدى العقود الماضية، أصبح واقع الدولة العبرية الواحدة مع عدم المساواة في الحقوق راسخًا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث استمر العدوان والاختراقات القانونية من قبل إسرائيل في غزة والضفة الغربية بالتصاعد، مع اكتفاء المجتمع الدولي بإدارة الأزمات. ولكن عدد القتلى غير المسبوق والدمار الذي سببته الحرب في غزة، وارتفاع خطر اندلاع صراع إقليمي ودولي، تؤكد كلها أنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار دائم في الشرق الأوسط دون اتفاق يتناول الاحتياجات الأمنية والتطلعات الوطنية والكرامة الإنسانية للفلسطينين.

أُثير حل الدولتين لأول مرة في عام 1937، أي قبل 11 عاما من قيام دولة إسرائيل. وكانت الفكرة تتلخص في أن يتفاوض اليهود المهاجرون من أوروبا والفلسطينيون على تسوية من شأنها أن توفر لكل منهم دولته المستقلة، وتمكينهم من العيش كجيران في سلام نسبي.

خلال حرب عام 1967، توسعت إسرائيل إلى ما وراء الخط الأخضر المعترف به دوليا من خلال الاستيلاء على الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، من بين مناطق أخرى. وتضم هذه المناطق الآن أكثر من 5 ملايين فلسطيني يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي المباشر أو غير المباشر منذ أكثر من 50 عاما.

ويعيش في الضفة الغربية نحو نصف مليون مستوطن إسرائيلي، ولكن الحجة بأن المستوطنات دائمة باطلة. إذ حصل ذلك حين انسحبت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 وفككت المستوطنات التي بنيت في غزة خلال العقود السابقة. لذا فإن إخراج المستوطنين من الاراضي المحتلة يتطلب شيئًا واحدًا فقط: الإرادة السياسية. ويقول جميع حلفاء إسرائيل الغربيين إنهم يريدون حل الصراع وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام و حل الدولتين الذي وافقت عليه إسرائيل منذ عقود في اتفاقيات أوسلو.

على أرض الواقع، يقف حزب الليكود الحاكم في اسرائيل مع حلفائه اليمينيين المتطرفين كحجر عثرة أمام حل الدولتين. فمنذ وصولها إلى السلطة في عام 2022، قامت حكومة بنيامين نتنياهو بتسريع منح تصاريح لبناء مستوطنات جديدة في الأراضي المحتلة، حتى مع قيام المستوطنين بأعمال عنف في كثير من الأحيان لطرد الفلسطينيين من الأرض. 

ولطالما عارض نتنياهو حل الدولتين، لكنه تجنب بشكل عام قول ذلك صراحة، على الأقل باللغة الإنجليزية. ولكن في العبرية، كان أكثر صراحة. في عام 2010، أصدرت صحيفة جيروزاليم بوست مقطع فيديو من عام 2001 لنتنياهو قال فيه إنه وضع حدًا لاتفاقيات أوسلو بحكم الأمر الواقع. وفي 22 سبتمبر 2023، مثل نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بخريطة مطبوعة بعنوان “الشرق الأوسط الجديد” تظهر إسرائيل الكبرى باللون الأزرق وتحتوي على كل الأراضي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.

وقد يؤدي قرار نتنياهو بوضع أوراقه صراحة على الطاولة إلى صراع محتمل مع أهم داعم لإسرائيل، الرئيس الأمريكي، جو بايدن. إذ جاء خطاب  رئيس وزراء إسرائيل في منتصف شهر يناير، بعد أسابيع من الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة لإقناع حكومته بالالتزام بخطة لفترة ما بعد حرب غزة تتضمن خارطة طريق واضحة لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وزاد خطابه من إحراج بايدن، الذي قدم لإسرائيل دعمًا غير مشروط منذ الحرب على غزة. إذ أصر بايدن على أن حكومه بلاده تعمل مع إسرائيل نحو حل الدولتين. وفي محاولته لإظهار تحكمه في مجرى الأمور، قال نتنياهو للإسرائيليين إنه كرئيس للوزراء قادر على قول لا لأصدقائه وحلفائه.

ويتعارض الموقف الرسمي لإسرائيل أيضًا مع السياسة الكندية طويلة الأمد بشأن الشرق الأوسط، والتي تضع اتفاقيات أوسلو والاتفاقيات اللاحقة التي بنيت على أوسلو في مركز رؤيتها.

وكذلك بالنسبة الأوروبيين، ففي حين رفض الداعمون الأقوياء لإسرائيل مثل ألمانيا مطالبات بوقف فوري لإطلاق النار تقدمت بها دول مثل إسبانيا وأيرلندا، إلا أن هناك دعما عاما في الكتلة لحل الدولتين. وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية، آنا لينا بيربوك، إن حل الدولتين هو الحل الوحيد. 

وشارك الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، ما أسماه “التوجه الشامل” نحو إيجاد السلام، بدعم من المجتمع الدولي في عقد مؤتمر للخروج بخطة يتم طرحها على الإسرائيليين والفلسطينيين. مؤكدا على إنه يتعين على المجتمع الدولي بعد ذلك تحديد العواقب التي يتصور ربطها بالمشاركة أو عدم المشاركة في خطة السلام من قبل أي من الجانبين.

كما أكد رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، تركي بن فيصل، أن المبادرة السلام التي قدمتها المملكة قبل 21 عامًا تمثل أساسًا كاملاً، لكن إسرائيل رفضتها.  كما أشار أيضًا إلى أهمية أخذ إجراءات فورية لوقف القتل. ودعا وزير الخارجية الأمريكي،  أنتوني بلينكن، إلى التقدم في تنفيذ قرار الأمم المتحدة الداعي للاعتراف بدولة فلسطينية، كما أشار إلى أن الحديث عن حل الدولتين لابد أن يُتبع بتحرك فعلي من قبل الولايات المتحدة وأوروبا بالتعاون مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة.

وكذلك أكدت السفيرة السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، الأميرة ريما بنت بندر، على أن المملكة العربية السعودية لا تضع التطبيع بحد ذاته في قلب سياستها، إنما تركز على السلام والازدهار. كما عبرت عن رغبة المملكة في حل القضية الجذرية للشعب الفلسطيني وتؤكد على حقه في السيادة ، مذكرة أن السبب الجذري لعدم الاستقرار في المنطقة هو الاحتلال المتواصل منذ 75 عامًا . وشددت على أهمية حل الدولتين كحل دائم للنزاع، مع التنبيه إلى أن الأمان لإسرائيل يجب أن يتحقق دون المساس بحقوق الفلسطينيين. مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار كخطوة فورية.

ولكي يتحقق ذلك، فإنه يتطلب اعتراف إسرائيل بأنها لا تستطيع السيطرة على حياة الفلسطينيين مع الإفلات من العقاب، في مقابل تجديد التزام الفلسطينيين بفكرة التعايش السلمي. وسوف يتطلب الأمر أيضا التزاما أكبر بكثير من جانب المجتمع الدولي مقارنة بما أظهره حتى الآن من محاسبة.

شارك هذا المقال

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *

أدخل كلمات البحث الرئيسية واضغط على Enter