سياسة في ظل الحرب..كيف كانت أجواء الانتخابات الرئاسية في روسيا؟ Nuqta Doc منذ 7 أشهر كما كان متوقعًا، فاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية خامسة، وخرجت نتائج الانتخابات الرئاسية كما توقعها الجميع. نال بوتين أكثر من 87 % فيما توزعت بقية الأصوات بين ثلاث مرشحين لم يعتبروا، سواء داخل روسيا وخارجها، تهديدًا حقيقيًا لاحتمالات نجاح الرئيس الروسي. بهذا ضمن بوتين ولاية رئاسية ثالثة على التوالي، والخامسة في المجمل. بدأ حياته ضابطًا للاستخبارات في عهد الاتحاد السوفييتي، ثم بدأ حياته السياسية العامة بعد استقالته من الاستخبارات إثر محاولة الانقلاب على الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف، وتدرج حتى أصبح رئيس للوزراء للمرة الأولى عام 1999 في عهد الرئيس يلتسن، قبل أن يستقبل يلتسن ليتبوأ بوتين للمرة الأولى أيضًا كرسي الرئاسة بالنيابة، قبل أن ينجح في الانتخابات الرئاسية عام 2000، ليبدأ فترته الرئاسية الأولى، وربما لم يتوقع أحد من ذلك الرئيس الجديد وقتها، أن يظل في سدة الحكم بعدها بما يقرب ربع قرن، لكن بوتين أثبت للجميع صلابته وقدرته تأسيس نظام سياسي يكون هو محوره. يدل على ذلك، أن بوتين بعد نهاية ولايته الثانية عام 2008، رشح حليفه ميدفيديف للرئاسة، وأصبح هو رئيسًا للوزراء، طول عهد ميدفيديف، قبل أن يرشح نفسه لولاية ثالثة، بعد انتهاء ولاية ميدفيديف. بعدما عدل الدستور لتصبح الولاية ست سنوات بدلًا من أربع، ثم عدله ثانية عام 2020، بما يسمح له للترشح مرة سادسة بعد انتهاء ولايته الجديدة التي ستنتهي عام 2030، ليكون بوسعه دستوريًا أن يصبح رئيسًا لروسيا حتى 2036. غياب الخصم الأشهر يمكن القول أن الانتخابات الروسية أتت في ظل حدثين كبيرين، الأول هو الحرب الروسية الأوكرانية الممتدة منذ فبراير 2022، والحدث الثاني هو وفاة المعارض الروسي الأشهر أليكسي نافالني قبل أسابيع قليلة من الانتخابات، داخل سجنه في روسيا. بدأ أليكسي في اكتساب الشهرة حينما بدأ بالتدوين ضد ما اعتبره الفساد المنتشر داخل الدولة الروسية، ثم تزعم عام 2011 احتجاجات ضخمة ضد نتائج الانتخابات البرلمانية، وهو ما أكسبه حضورًا مهمًا في الساحة السياسية، حتى أنه ترشح كعمدة للعاصمة وحل ثانيًا بعد المرشح القريب من بوتين، رغم ما اعتبره نافانلي تحيزًا ضده، وحاول أن يترشح ضد بوتين في انتخابات عام 2018، لكن رفضت اللجنة المشرفة على الانتخابات ترشحه، نتيجة لأنه سبق الحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع إيقاف التنفيذ، في قضية فساد اعتبرها نافالني وأنصاره ملفقة ضده. حتى هذه اللحظة كانت شهرة نافالني محلية داخل روسيا، قبل أن تتحول لشهرة عالمية في أغسطس 2020، بعد تعرضه للتسمم، وذهابه إلى ألمانيا للعلاج، وعودته مرة أخرى إلى روسيا، وجه نافالني أصابع الاتهام للسلطات الروسية في عملية تسميمه، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد من المسئولين الذي اتهمهم بالتورط في العملية، وفور وصوله إلى روسيا، تم إلقاء القبض على نافالني، وسجنه في القضية التي سبق فيها الحكم عليه، بعد تغيير الحكم من خمس سنوات مع إيقاف التنفيذ إلى عامين ونصف مع التنفيذ، ثم تم الحكم وهو في السجن في عدة قضايا أخرى بتهمة التطرف، وكانت أحكامه مجموعة ستتركه في السجن حتى 2038، قبل أن تعلن السلطات الروسية وفاته بشكل مفاجئ في شهر فبراير الماضي داخل محبسه. وقد دعا أنصار نافالني المواطنين الروس إلى التوجه لمراكز الاقتراع في ظهيرة يوم الانتخابات الأخير، وإبطال أصواتهم أو التصويت لأحد المرشحين الثلاثة الآخرين، احتجاجًا على سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي الدعوة التي قادتها أرملة المعارض الروسي، حيث توجهت إلى السفارة الروسية في برلين ظهرًا، في تنفيذ لهذه الدعوات، والتي لم تظن هي ولا غيرها من أنصار نافالني إمكانية تأثيرها فعليًا على معطيات الواقع. حرب أوكرانيا في المقابل، قالت السلطات الروسية إن السلطات الأوكرانية حاولت تعطيل الانتخابات في روسيا، عبر شن هجمات متزامنة عن طريق طائرات مسيرة، لكن تم اعتراض وإسقاط كل تلك المسيرات بحسب السلطات الروسية. جدير بالذكر، أن انتخابات الرئاسة لم تجر فقط في روسيا، بل جرت أيضًا في المناطق التي سيطرت عليها روسيا داخل أوكرانيا وأعلنت ضمها رسميًا إليها. في إشارة إلى إحكام روسيا سيطرتها على تلك المناطق. وكانت القوات الروسية، قد حققت قبل الانتخابات بشهر واحد، انتصارًا مهمًا على القوات الأوكرانية حين تمكنت من السيطرة على مدينة أفدييفكا بعد صراع طويل على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية في المعركة. واعتبر ذلك أول تقدم واضح للقوات الروسية بعدما ظلت في موقف المدافع منذ شن القوات الأوكرانية هجومًا مضادًا كبيرًا منتصف العام الماضي، وهو الهجوم الذي لم ينجح في استعادة السيطرة على الكثير من المناطق كما أراد الأوكران، لكنه نجح جزئيًا في منع أي تقدم روسي كبير على الأرض. تأتي الانتخابات الأخيرة أيضًا، في ظل عقوبات اقتصادية كبيرة وقعها الغرب على روسيا بعد إعلانها الحرب في فبراير 2022، لكن أغلب تلك العقوبات، لم تنجح، بحسب مراقبين، في تحجيم القدرات العسكرية الروسية، ولا في خلخلة التوازن السياسي داخل البلاد، حيث ظل بوتين يتمتع بسيطرة شبه كاملة على مجريات الأمور. شارك هذا المقال أضف تعليقك إلغاءلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة ب *التعليقاسمك * E-mail * Web Site احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.